اختَلفَ الفَقهاءُ في الأرضِ القَريبةِ مِنْ العُمرانِ ولم تَكنْ مِنْ مُرافقِه، هل يَجوزُ إِحياؤُها بغيرِ إذنِ الإمامِ أم يُشتَرطُ أنْ يَأذنَ فيها الإمامُ؟
فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ وأشهبُ مِنْ المالِكيةِ (١) إلى أنَّه لا يُشتَرطُ إذنُ الإمامِ في إِحياءِ ما قَربَ مِنْ العامرِ إذا لم يَكنْ مِنْ مَرافقِ العامرِ وحريمِه؛ لعُمومِ قولِ النَّبيِّ ﷺ:«مَنْ أَحيا أرضًا مَيتةً فهي له، وليسَ لعرقٍ ظالمٍ حقٌّ»(٢) ولم يُفرِّقِ النَّبيُّ ﷺ بينَ ما قرُبَ مِنْ العامرِ وما بَعُدَ.
(١) «تحبير المختصر» (٤/ ٦٢٨). (٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٠٧٣)، والترمذي (١٣٧٨)، والنسائي في «الكبرى» (٥٧٦١). (٣) رواه الشافعي في «الأم» (٤/ ٥٠)، ومن طَريقِه البيهقي في «الكبرى» (١١٥٨١)، وقَالَ ابنُ المنيرِ في «البدرِ المنيرِ»: وهذا مُرسَلٌ، قالَ ابنُ معينٍ وأبو حاتمٍ: يَحيى بنُ جعْدَةَ لم يَلقَ ابنَ مَسعودٍ، وإنما يُرسلُ عنه، وقد وَصلَه الطبرانِيُّ في (أكبرِ معاجِمِه) عن يَحيى بنِ جعدَةَ، عن ابنِ هبيرةَ عن ابنِ مسعودٍ به، وهبيرةُ حالَتُه جيِّدَةٌ كما قرَّرْتُها في أوائلِ كتابِنا هذا في بابِ: بَيانِ النَّجاساتِ والماءِ النَّجسِ، لا كما زَعمَ مَنْ يُضعِّفُه. وقَالَ الحافظُ ابنُ حجرٍ في «تلخيصِ الحبيرِ» (٣/ ٦٣): وإسنادُه قوِيٌّ.