وقالَ الإِمامُ ابنُ رُشدٍ ﵀:«العُلماءُ أجمَعُوا على أنَّ القاضِي يَقضي بعِلمِه في التَّعديلِ والتَّجريحِ، وأنَّه إذا شهِدَ الشُّهودُ بضدِّ عِلمِه لمْ يَقضْ به»(٢).
الضَّربُ الثانِي: أنْ يَحكمَ بعِلمِه في الحُقوقِ:
إذا علِمَ القاضِي حالَ المَحكومِ فيه ولمْ تَقمْ عندَه بَينةٌ؛ مثلُ أنْ يَعلمَ أنَّ رَجلًا غصَبَ مِنْ رَجلٍ مالًا أو اقترَضَ منه، أو علِمَ أنَّ رَجلًا زَنى أو سرَقَ فهل يَجوزُ له أنْ يَقضيَ فيه بعِلمِه أم لا؟ فهذا لا يَخلو مِنْ صُورتينِ:
الصُّورةُ الأُولى: أنْ يَحكمَ بعِلمِه في الحُقوقِ:
إذا علِمَ القاضِي حالَ المَحكومِ فيه ولمْ تَقمْ عندَه بَينةٌ؛ مِثلُ أنْ يَعلمَ أنَّ رَجلًا غصَبَ مِنْ رَجلٍ مالًا أو اقتَرضَ منه، فهل يَجوزُ له أنْ يَقضيَ فيه بعِلمِه أم لا؟
فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ القاضِي لا يَحكمُ بعِلمِه في الحُقوقِ لا فيما علِمَه قبلَ الوِلايةِ أو بعدَها؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ [النور: ٤] الآية. فأمَرَ بجَلدِ القاذفِ إذا لمْ يَأتْ بأَربعةِ شُهداءَ على القاذفِ، ولمْ يُفرقْ بينَ أنْ