في الصَّحابةِ، ولَم يُنكِروا، فكانَ إِجماعًا؛ ولأنَّ أحدَ الزَّوجَينِ يَسهُلُ عليه اطَّلاعُ الآخَرِ على عَورتِه دونَ غيرِه؛ لِما كانَ بينَهما في الحياةِ، ويأتي بالغُسلِ على أكمَلِ ما يُمكِنُه؛ لِما بينَهما مِنْ المَودَّةِ والرَّحمةِ.
قال ابنُ رُشدٍ ﵀: وسَببُ اختِلافِهم: هو تَشبيهُ المَوتِ بالطَّلاقِ، فمَن شبَّهَ بالطَّلاقِ قالَ: لا يَحلُّ أنْ يَنظُرَ إليها بعدَ المَوتِ، ومَن لَم يُشبِّه بالطَّلاقِ -وهُم الجُمهورُ- قالَ: إنَّ ما يَحِلُّ له مِنْ النَّظرِ إليها قبلَ المَوتِ يَحِلُّ له بعدَ المَوتِ، والذي دَعا أبا حَنفيةَ أنْ يُشبِّهَ المَوتَ بالطَّلاقِ أنَّه رَأى أنَّه إذا ماتَت إِحدى الأختَينِ حلَّ له نِكاحُ الأُخرى، كالحالِ فيما إذا طُلِّقتْ، وهذا فيه بُعدٌ، فإنَّ عِلةَ مَنعِ الجَمعِ مُرتَفِعةٌ بينَ الحيِّ والميِّتِ، ولذلك حَلَّتْ، إلا أنْ يُقالَ: إنَّ عِلةَ مَنعِ الجَمعِ غيرُ مَعقولةٍ، وإنَّ مَنعَ الجَمعِ بينَ الأختَينِ عِبادةٌ مَحضةٌ غيرُ مَعقولةِ المَعنى، فيَقوى حينَئذٍ مَذهبُ أَبي حَنيفةَ (١).
تَغسيلُ الرِّجالِ والنِّساءِ لِلأطفالِ الصِّغارِ:
قال ابنُ المنذِرِ ﵀: أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ المَرأةَ تُغسِّلُ الصَّبيَّ الصَّغيرَ (٢).
(١) «بداية المجتهد» (١/ ٣١٦)، وانظر: «البدائع» (٢/ ٣١٨)، و «البحر الرائق» (٢/ ١٨٨)، و «ابن عابدين» (٢/ ١٩٩)، و «الهندية» (١/ ١٦٠)، و «المبسوط» للسرخسي (٣/ ٧١)، و «الاستذكار» (٣/ ١١)، و «المدونة» (١/ ١٨٥)، و «الأوسط» (٥/ ٣٣٦)، و «الحاوي الكبير» (٣/ ١٥)، و «المجموع» (٦/ ٢٠٨)، و «المغني» (٣/ ٢٩٣)، و «الإفصاح» (١/ ٢٧١).(٢) «الأوسط» (٥/ ٣٣٨)، و «الإجماع» (٢٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute