أهلُ البَغيِ حرُمَ عليهم أنْ يَتملَّكوهم، وحرُمَ على أهلِ العَدلِ أنْ يَبتاعُوهم، وعلى إمامِ أهلِ العَدلِ إذا قدِرَ عليهم أنْ يَسترجِعَه منهم ويَردَّه على أهلِه من المُشرِكينَ، وهكذا لو أمَّنَ أهلُ البَغيِ قَومًا من المُشرِكينَ ثم غَدَروا بهم فسَبَوْهم وغَنِموهم لم يَحِلَّ ابتِياعُ السَّبيِ والغَنائمِ منهم، ولزِمَ أهلَ العَدلِ رَدُّ ما قدِرُوا عليه (١).
وقالَ الجَملُ في «حاشيَتِه»: قَولُه: ليُعينوهم علينا، أمَّا لو أَمَّنوهم تَأمينًا مُطلَقًا يَنفُذُ علينا أيضًا، فلو قاتَلُونا معهم انتقَضَ الأمانُ في حَقِّنا، وكذا في حَقِّهم كما هو القياسُ، وقد عُلمَ أنَّ الاستِعانةَ بهم ليسَت بأمانٍ لهم. اه.
شَرحُ قَولِه: لأنَّهم أمَّنوهم … إلخ؛ قالَ العِراقيُّ في «شَرحِ البَهجةِ»: وصُورةُ المَسألةِ: أنْ يُؤمِّنوهم على أنْ يُقاتِلونا معهم، فلو أَمَّنوهم أوَّلًا صَحَّ الأمانُ علينا، فإذا استَعانوا بهم علينا انتقَضَ الأمانُ علينا، نَصَّ عليه. اه.
قَولُه:(لا علينا)؛ أي: فلهم معنا حُكمُ الحَربيِّينَ وحينَئذٍ لنا غُنمُ أموالِهم واستِرقاقُهم، وقَتلُ أسيرِهم وقَتلُهم مُدبِرينَ، ولهم معهم حُكمُ المُؤمِنينَ فيُمنَعونَ من غُنمِ أموالِهم إلخ (٢).
وقالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: لو استَعانَ البُغاةُ علينا بأهلِ الحَربِ وعقَدوا لهم ذِمةً وأمانًا ليُقاتِلوا معهم لم يَنفُذْ أمانُهم علينا، فلنا أنْ نَغنَمَ أموالَهم ونستَرِقَّهم ونقتُلَهم إذا وقَعوا في الأسرِ ونقتُلَهم مُدبِرينَ ونُذفِّفَ
(١) «الحاوي الكبير» (١٣/ ١٤٢). (٢) «حاشية الجمل على شرح المنهج» (٥/ ١١٨)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٤٠٨).