أولُها: أنَّه مُرسَلٌ؛ لأنَّ طاوُسًا لم يُدرِكْ مُعاذًا ولا وُلدَ إلا بعدَ مَوتِ مُعاذٍ.
والثاني: أنَّه لو صَحَّ لَما كانَت فيه حُجةٌ؛ لأنَّه ليسَ عن رَسولِ اللهِ ﷺ، ولا حُجةَ إلا فيما جاءَ عنه ﵇.
والثالِثُ: أنَّه ليسَ فيه أنَّه قالَ ذلك في الزَّكاةِ، فالكَذبُ لا يَجوزُ، وقد يُمكِنُ لو صحَّ أنْ يَكونَ قالَه لِأهلِ الجِزيةِ، وكانَ يَأخذُ منهم الذُّرةَ والشَّعيرَ والعَرضَ مَكانَ الجِزيةِ.
والرابِعُ: أنَّ الدَّليلَ على بُطلانِ هذا الخبَرِ ما فيه من قَولِ مُعاذٍ: «خَيرٌ لِأهلِ المَدينةِ» وحاشا للهِ أنْ يَقولَ مُعاذٌ هذا، فيَجعلَ ما لم يُوجِبْه اللهُ تعالَى خَيرًا مما أوجَبه (١).
الدَّليلُ الثالِثُ:
ما رَواه الإمامُ أحمَدُ عن أبي عبدِ اللهِ الصُّنابِحيِّ قالَ:«رَأى رَسولُ اللَّهِ ﷺ في إبلِ الصَّدقةِ ناقَةً مُسنَّةً فغضِبَ، وقالَ: ما هذه؟ فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي ارتَجعتُها ببَعيرَينِ من حاشيَةِ الصَّدقةِ، فسكَتَ».
(١) «المحلى» (٦/ ٢٥). (٢) رواه الإمام أحمد في «مسنده» (٤/ ٣٤٩) ح (١٩٠٨٩) وابن زانجويه في كتاب «الأموال» (٣/ ٣١٦)، وأبو يعلى في «مسنده» (٣/ ٩٣) ح (١٤٥٣)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (٤/ ٣٠٦)، والبيهقي في «الكبرى» (٣/ ١١٣) بإسنادٍ ضعيفٍ قال البُخاريُّ في «التاريخ الأوسط» (١/ ١٦٨) رقم (٧٧٤): لم يَصحَّ حَديثُ الصَّدقةِ.