أولُها: أنَّه قالَ: مَكانَ الشَّعيرِ والذُّرةِ، وتلك غيرُ واجِبةٍ في الجِزيةِ بالإِجماعِ.
الثاني: أنَّ المَنصوصَ عليه لَفظُ الصَّدقةِ، كما في لَفظِ البُخاريِّ، والجِزيةُ صَغارٌ، لا صَدقةٌ، ومُسمِّيها الصَّدقةَ مُكابِرٌ.
الثالِثُ: قالَه حينَ بَعثَه رَسولُ اللهِ ﷺ لِأخذِ زَكاتِهم، وفعَلَه امتِثالًا لِما بُعثَ من أجلِه، وسَببُه هو الزَّكاةُ، فكيف يُحمَلُ على الجِزيةِ؟
الرابِعُ: أنَّ الخِطابَ مع المُسلِمينَ؛ لأنَّه يُبيِّنُ لهم ما فيه من النَّفعِ؛ لأنَّفسِهم وللمُهاجِرينَ والأَنصارِ، فلولا أنَّهم يُريدونَ المُهاجِرينَ والأَنصارَ لِما قالَ: خَيرًا لأَصحابِ النَّبيِّ ﷺ بالمَدينةِ وهُم المُهاجِرونَ والأَنصارُ؛ لأنَّ الكُفَّارَ لا يَختارونَ الخَيرَ لِلمهاجِرينَ والأَنصارِ، وأنَّ قَولَهم: مَذهبُ مُعاذٍ أنَّ النَّقلَ من الصَّدقاتِ مُمتنَعٌ، لا أصلَ له؛ لأنَّه لا يُنسَبُ إلى أحَدٍ من الصَّحابةِ مَذهبٌ في حَياةِ رَسولِ اللهِ ﷺ.
وأنَّ قَولَهم: ويَدلُّ عليه إِضافتُها إلى المُهاجِرينَ والأَنصارِ … إلى آخِرِه، ليسَ كذلك؛ لأنَّه لم يُضفِ الصَّدقةَ إليهم مُطلَقًا، بل أرادَ أنَّه خَيرٌ للفُقراءِ منهم، فكأنَّه قالَ: خَيرٌ للفُقراءِ منهم، فحَذفَ المُضافَ وأقامَ المُضافَ إليه مَقامَه وأعرَبه إِعرابَه، وما نقَلَ الزَّكاةَ إلى المَدينةِ إلاَّ بأمرِ رَسولِ اللهِ ﷺ، بعَثَه لذلك؛ ولأنَّه يَجوزُ نَقلُها إلى قَومٍ أحوَجَ من الفُقراءِ الذين هُمْ هناك، وفُقراءُ المُهاجِرينَ والأَنصارِ أحوَجُ للهِجرةِ وضِيقِ حالِ المَدينةِ في ذلك الوَقتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute