تُؤخذُ إلا على وَجهِ البَدلِ، فصارَ إِقرارُه له على فِعلِه دِلالةً على الجَوازِ، وإنْ كانَ بعدَ مَوتِه فقد وضَعَها أبو بَكرٍ بحَضرةِ الصَّحابةِ في مَواضِعِها مع عِلمِهم أنَّ الثِّيابَ لا تَجبُ في الزَّكاةِ، فصارَ ذلك إِقرارًا منهم على جَوازِ أخذِ القيَمِ، فتَحصَّلَ للمسألةِ اتِّفاقٌ بينَ الصَّحابةِ (١).
مُناقَشةُ هذا الدَّليلِ:
لكنْ أجابَ الجُمهورُ عن قصَّةِ مُعاذٍ، ﵁ بعدَّةِ أجوِبةٍ. قلتُ: من جُملةِ ما قالوا:
أولًا: هو مُرسَلٌ. وقالَ الإِسماعيليُّ: حَديثُ طاوُسٍ لو كانَ صَحيحًا لَوجَبَ ذِكرُه ليُنتَهى إليه، وإنْ كانَ مُرسَلًا فلا حُجةَ فيه (٢).
وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ ﵀: هذا التَّعليقُ صَحيحُ الإِسنادِ إلى طاوُسٍ لكنَّ طاوُسًا لم يَسمَعْ من مُعاذٍ فهو مُنقطِعٌ، فلا يَغتَرَّ بقَولِ من قالَ، ذكَرَه البُخاريُّ بالتَّعليقِ الجازِمِ فهو صَحيحٌ عندَه؛ لأنَّ ذلك لا يُفيدُ إلا الصِّحةَ إلى مَنْ علَّقَ عنه، وأمَّا باقِي الإسنادِ فلا، إلا أنَّ إِيرادَه له في مَعرِضِ الاحتِجاجِ به يَقتَضي قُوتَه عندَه، وكأنَّه عضَّدَه عندَه الأَحاديثُ التي ذكَرَها في البابِ، وقد رَويْنا أثَرَ طاوُسٍ المَذكورَ في كِتابِ الخَراجِ ليَحيَى بنِ آدمَ من رِوايةِ ابنِ عُيينةَ عن إِبراهيمَ بنِ مَيسرةَ وعَمرِو بنِ دِينارٍ، فرَّقَهما كِلاهما عن طاوُسٍ (٣).