وقالَ: حدَّثَنا أبو أُسامةَ عن زُهَيرٍ قالَ: سَمِعتُ أَبا إِسحاقَ يَقولُ: «أَدرَكتُهم وهم يُعطُونَ في صَدقةِ رَمضانَ الدَّراهمَ بقِيمةِ الطَّعامِ»(١).
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وقالَ الثَّوريُّ وأبو حَنيفةَ: يَجوزُ، وقد رُويَ ذلك عن عُمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ والحَسنِ، وقد رُويَ عن أحمدَ مِثلُ قَولِهم فيما عدا الفِطرةِ (٢).
وقالَ النَّوويُّ ﵀: وهو الظاهِرُ من مَذهبِ البُخاريِّ في صَحيحِه (٣).
وقالَ ابنُ بَطالٍ ﵀: ولِهذا المَذهبِ احتَجَّ البُخاريُّ، على كَثرةِ مُخالَفتِه لِأبي حَنيفةَ، لكنَّ اتِّباعَ الأَحاديثِ قادَه إلى مُوافَقتِه (٤).
قالَ ابنُ رَشيدٍ: وافَقَ البُخاريُّ في هذه المَسألةِ الحَنفيةَ مع كَثرةِ مُخالَفتِه لهم، لكنْ قادَه إلى ذلك الدَّليلُ (٥).
أدِلَّةُ هذا الفَريقِ:
الدَّليلُ الأولُ:
ما رُويَ عن ابنِ عُمرَ ﵄ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قالَ:«أَغْنوهم -أي: الفُقراءَ والمَساكينَ- عَنْ الطَّوافِ فِي هذا اليَومِ»(٦).
(١) روى هذه الآثار ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٢/ ٣٩٨). (٢) «المغني» (٤/ ٤٣). (٣) «المجموع» (٥/ ٣٨٤). (٤) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٣/ ٤٤٩). (٥) «فتح الباري» (٣/ ٣١٢)، و «عمدة القاري» (٩/ ٤). (٦) أخرجه ابن زنجويه في كتاب «الأموال» (٥/ ١٤٨)، والدارقطني في «سننه» (٢/ ١٥٢) كتاب زَكاة الفطر ح (٦٧)، والبيهقي في «سننه» (٤/ ١٧٥) ح (٧٥٢٨) وابن عدي في «الكامل» (٧/ ٥٥) من روايةِ أبي مشعرٍ عن نافعٍ عن ابنِ عُمرَ به، وأبو مشعرٍ هذا ضعَّفه جَماعةٌ من الحُفاظِّ كالبُخاريِّ والنَّسائيِّ وابن مَعينٍ، وقد ضعَّف الحَديثَ ابنُ عبدِ الهادِي في «التنقيح» (٢/ ٢٣٤)، والعِراقيُّ في «طرح التثريب» (٤/ ٥٩)، والصَّنعانِيُّ في «سبل السلام» (٢/ ١٣٨)، وابن المُلقِّنِ في «البدر المنير» (٥/ ٦٢٠) وغيرُهم.