اللهِ في سَبِيلِ اللهِ، قاتِلوا مَنْ كفَر باللهِ، اغزوا ولا تَغُلُّوا ولا تَغدِروا ولا تُمثِّلوا … » (١).
قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ ﵀ بعدَ أنْ ذكَرَ هذا الحَديثَ: أجمَع العُلماءُ على القَولِ بهذا الحَديثِ ولم يَختَلِفوا في شَيءٍ منه، فلا يَجوزُ عندَهم الغُلولُ ولا الغَدرُ ولا المُثلةُ (٢).
وقالَ الزَّمخشَريُّ ﵀: ولا خِلافَ في تَحريمِ المُثلةِ (٣).
وهذا بعدَ الظَّفرِ والنَّصرِ، وأمَّا قبلَه، أي: في أثناءِ المَعركةِ فلا بأسَ بقَطعِ الأطرافِ أو الأعضاءِ، إذا وقَعَ قِتالٌ كمُبارزٍ ضرَبه فقطَع أُذنَه ثم ضرَبه ففقَأَ عَينَه ثم ضرَبَه فقطَع يَدَه وأنفَه ونَحوَ ذلك، قالَ اللهُ تَعالى: ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢)﴾ [الأنفال: ١٢].
قالَ الحَصكَفيُّ ﵀:(و) نُهينا (عن غَدرٍ وغُلولٍ و) عن (مُثلةٍ) بعدَ الظَّفرِ بهم، أمَّا قبلَه فلا بأسَ بها.
قالَ ابنُ عابدِين ﵀: قَولُه: ومُثلةٌ -بضَمِّ الميمِ- اسمُ مَصدَرِ «مثَّل به»، من باب نصَر أي: قطَع أطرافَه وشَوَّه به، كذا في جامِعِ اللُّغةِ.
قَولُه:(أمَّا قبلَه فلا بأسَ بها) قالَ الزَّيلعيُّ: وهذا حَسنٌ ونَظيرُه الإحراقُ بالنارِ، وقيَّد جَوازَها قبلَه في الفَتحِ بما إذا وقَعت قِتالًا كمُبارزٍ ضُرِب فقُطِعت أُذنُه، ثم ضُرِب ففُقِئت عَينُه ثم ضُرِب فقُطِعت يَدُه وأنفُه ونَحوُ ذلك.