قالَ ابنُ الأنباريِّ ﵀: المُثْلَةُ: العُقوبةُ المُبيِّنةُ من المُعاقَبِ شَيئًا، وهو تَغييرُ الصُّورةِ فتَبقَى قَبيحةً، من قَولِهم: مثَّلَ فُلانٌ بفُلانٍ: إذا قبَّح صُورَتَه إمَّا بقَطعِ أُذُنِه أو جَدعِ أنْفِه أو سَمْلِ عَينَيه أو بَقْرِ بَطنِه، هذا هو الأصلُ، ثم يُقالُ للعارِ الباقي والخِزيِ اللَّازمِ: مُثلةٌ (١).
وفي الاصطِلاحِ: المُثلةُ: العُقوبةُ الشَّنيعةُ كرَضِّ الرأسِ وقَطعِ الأُذنِ أو الأنفِ (٢).
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على تَحريمِ التَّمثيلِ بالأسرَى، بل يُكتَفى بقَتلِه المُعتادِ بضَربِه بالسَّيفِ.
قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ ﵀: وإذا عزَم المُسلِمونَ على قَتلِ الأُسارى فلا يَنبَغي أنْ يُعذِّبوهم بالجُوعِ والعَطشِ وغيرِ ذلك من أنواعِ التَّعذيبِ؛ لأنَّ ذلك تَعذيبٌ من غيرِ فائِدةٍ (٣).
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: فمَتى رأى القَتلَ ضرَبَ عُنُقَه بالسَّيفِ؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ [محمد: ٤] ولأنَّ النَّبيَّ ﷺ أمَرَ بالذين قتَلهم فضُرِبتْ أعناقُهم، ولا يَجوزُ التَّمثيلُ به؛ لما رَوى بُرَيدةُ: «أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ كانَ إذا أمَّرَ أميرًا على جَيشٍ أو سَريةٍ أوصاه في خاصَّتِه بتَقوَى اللهِ ومن معه من المُسلِمينَ خَيرًا، ثم قالَ: اغزُوا باسمِ