أو لظُلمٍ ظلَمَها أو أضَرَّ بها لم يَجُزْ له أخذُه، وإنْ أخَذَ شيئًا مِنها على هذا الوَجهِ ردَّه ومَضى الخُلعُ عليهِ (١).
قالَ الشافِعيةُ: يَصحُّ الخُلعُ بالمَهرِ المُسمَّى وبأقلَّ منهُ وبأكثَرَ منهُ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] ولَم يُفرِّقْ، ولأنَّه عِوضٌ مُستفادٌ بعَقدٍ، فلم يَتقَّدرْ كالمَهرِ والثَّمنِ، ويَصحُّ بالدَّينِ والعَينِ والمَنفعةِ كما في المَهرِ (٢).
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: مَسألةٌ: قالَ: (ولا يُستحبُّ له أنْ يأخُذَ أكثَرَ ممَّا أعطاها).
هذا القَولُ يدلُّ على صحَّةِ الخلعِ بأكثرَ مِنْ الصَّداقِ، وأنَّهما إذا تَراضيَا على الخُلعِ بشيءٍ صَحَّ، وهذا قَولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ، رُويَ ذلكَ عَنْ عُثمانَ وابنِ عُمرَ وابنِ عبَّاسٍ وعِكرمةَ ومُجاهدٍ وقَبيصةَ بنِ ذُؤيبٍ والنَّخَعيِّ ومالِكٍ والشَّافعيِّ وأصحابِ الرَّأيِّ، ويُروى عَنْ ابنِ عبَّاسٍ وابنِ عمرَ أنهما قالَا: لو اختلَعَتِ امرأةٌ مِنْ زَوجِها بميراثِها وعِقاصِ رأسِها كانَ ذلكَ جائِزًا.
وقالَ عَطاءٌ وطاوُسٌ والزُّهريُّ وعَمرُو بنُ شُعيبٍ: لا يَأخذُ أكثرَ ممِّا
(١) «التمهيد» (٥/ ٣٤١)، و (٢٣/ ٣٦٨)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٧٩، ٣٨٠)، رقم (١٢٠٩)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ١٤١)، و «الإفصاح» (٢/ ١٦٣).(٢) «البيان» (١٠/ ١٠)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٢٥٢)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٤٣٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٣٣، ٤٣٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute