أمَّا المالِكيَّةُ فقالوا: إنَّها جائِزةٌ في النَّفلِ، مَكروهةٌ في الفَرضِ، وحُجَّتُهم أنَّ الشَّيطانَ يُدبِرُ عندَ الأذانِ والتَّكبيرِ، كما استدَلُّوا بما رُويَ عن أنَسٍ قالَ: «صلَّيتُ خلفَ النَّبيِّ ﷺ وَأَبِي بَكرٍ وَعمرَ وَعُثمانَ، فَكانُوا يَستَفتِحُونَ بِ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [﴿: ٢]» (١).
وصِفةُ الاستِعاذةِ أن يَقولَ: أعُوذُ باللهِ مِنْ الشَّيطانِ الرَّجيمِ، وهذا قولُ أبي حَنيفَةَ والشافِعيِّ وأحمدَ في رِوايةٍ؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [الأعراف: ٩٨]، وعن أحمدَ أنَّه يَقولُ: أعُوذُ باللهِ السَّميعِ العَليمِ مِنْ الشَّيطانِ الرَّجيمِ؛ لِخَبرِ أبي سَعيدٍ المُتقدِّمِ، ولقولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [فصلت: ٣٦]، وهذا مُتَضَمِّنٌ لِلزِّيادةِ، ونقلَ حَنبَلٌ عن الإمامِ أحمدَ أنَّه يَزيدُ بعدَ ذلك: «إنَّ اللهَ هو السَّمِيعُ العَلِيمُ»، وهذا كلُّه واسِعٌ، وكَيفَما استَعاذَ فهو حَسَنٌ.
قالَ ابنُ قُدامةَ: ويُسِرُّ الاستِعاذةَ ولا يَجهَرُ بها، لا أعلَمُ فيه خِلافًا (٢).
وعنِ ابنِ القاسِمِ مِنْ المالِكيَّةِ أنَّ الاستِعاذةَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ العَظِيمِ مِنْ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ؛ إِنَّ اللهَ هو السَّمِيعُ العَلِيمُ» (٣).
(١) رَواه مُسلِم (٣٩٩).(٢) «المغني» (٢/ ٢٤)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٥/ ١٢)، وابن عابدين (١/ ٤٤٣)، والرَّهُوني (١/ ٤٢٤)، والدُّسوقي (١/ ٢٠١)، والقُرطُبي (١/ ٨٦، ٨٧)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (٣/ ١٥٨)، و «المجموع» (٣/ ٢٦٨، ٢٦٩)، و «إعانة الطالبين» (١/ ١٦٤)، و «كفاية الأخيار» (١٥٨)، و «الإنصاف» (٢/ ١١٩)، و «الإفصاح» (١/ ١٥٨).(٣) «تفسير القرطبي» (١/ ٨٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute