وقَولُه:«تَسكنُها» بمَنزلةِ قَولِه: «لتَسكنَها»، كما إذا قالَ:«وهَبتُها لك لتُؤاجرَها»، ولو قالَ:«هي لك تَسكنُها» كانت هِبةً أيضًا؛ لأنَّ الإضافةَ بحَرفِ اللامِ إلى مَنْ هو أهلُ المِلكِ للتَّمليكِ، وقَولُه:«تَسكنُها» مَشورةٌ على ما بَيَّنَّا (١).
وذهَبَ الحَنابِلةُ والشافِعيةُ في الوَجهِ الثانِي إلى أنَّه لا يَصحُّ هِبةُ المَنافعِ؛ لأنَّها ليسَت بتَمليكٍ؛ بِناءً على أنَّ ما وهَبَ منافِعَه عارِيةٌ (٢).
وسُئلَ الإمامُ ابنُ حَجرٍ الهَيتميُّ ﵀: هل تَصحُّ هِبةُ المَنافعِ؟
فأجابَ -نفَعَ اللهُ ﷾ به- بقَولِه: للأَصحابِ فيها وَجهانِ:
أحدُهما: أنَّها عارِيةٌ للدارِ لا تُملكُ مَنافعُها، بل تَكونُ إِباحةً.