وقالَ النَّفراويُّ ﵀: ولا يَجوزُ -بمَعنَى يَحرمُ- أنْ يُباعَ العَقارُ الحَبسُ وإنْ خَرِبَ بحَيثُ صارَ لا يُنتفعُ به ولم يُرْجَ عَودُه، قالَ مالِكٌ ﵁: لا يُباعُ العَقارُ الحَبسُ ولو خَرِبَ، وبَقاءُ أحباسِ السَّلفِ داثِرةً دَليلٌ على مَنعِ ذلكَ.
وعندَ بَعضِهم: يَجوزُ بَيعُه إنْ كانَ في بَقائِه ضَررٌ ولا يُرجَى عَودُه، وحُكيَ على ذلكَ الاتِّفاقُ، ولا شَكَّ في مُخالَفتِه لِما قالَه الإمامُ، ولعَلَّ وجْهَ كَلامِه ﵁ لِما يَلزمُ عليه مِنْ التَّطرُّقِ إلى بَيعِ الأوقافِ بدَعوى الخَرابِ، والإمامُ بَنَى مَذهبَه على سَدِّ الذَّرائعِ، وكما لا يَجوزُ بَيعُ العَقارِ الحَبسِ ولا يَجوزُ بَيعُ أنقاضِه (٢).
القَولُ الثالثُ: وهو قَولُ مُحمدِ بنِ الحَسنِ: أنَّ الوَقفَ إذا خَرِبَ عادَ إلى مِلكِ صاحِبِه إنْ كانَ حَيًّا، وإلى مِلكِ وَرثتِه إنْ كانَ مَيتًا.
قالَ الكاسانِيُّ ﵀: ولو جعَلَ دارَه مَسجدًا فخَرِبَ جِوارُ المَسجدِ أو استغنى عنه لا يَعودُ إلى مِلكِه ويَكونُ مَسجِدًا أبدًا عندَ أبي يُوسفَ، وعندَ مُحمدٍ يَعودُ إلى مِلكِه.
(١) «التاج والإكليل» (٤/ ٥٨٢، ٥٨٣). (٢) «الفوكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني» (٢/ ١٦٤، ١٦٥).