فلو كانَ الوَقفُ شَجرًا يُخافُ هَلاكُه كانَ له أنْ يَشتريَ مِنْ غلَّتِه قَصيلًا فيَغرزَه؛ لأنَّ الشَّجرَ يَفسدُ على امتِدادِ الزَّمانِ، وكذا إذا كانَتِ الأرضُ سَبْخَةً لا يَنبتُ فيها شيءٌ كانَ له أنْ يُصلِحَها.
ودخَلَ في ذلكَ دَفعُ المَرصدِ -أي الدَّينِ- الذي على الدارِ، فإنه مُقدَّمٌ على الدَّفعِ للمُستحِقِّينَ، قالَ ابنُ عابدِينَ ﵀: وهذه فائِدةٌ جَليلةٌ قَلَّ مَنْ تَنبَّهَ لها، فإنَّ المَرصَدَ دَينٌ على الوَقفِ لضَرورةِ تَعميرِه، فإذا وُجِدَ في الوَقفِ مالٌ ولو في كُلِّ سَنةٍ شيءٌ حتى تَتخلَّصَ رَقبةُ الوَقفِ ويَصيرَ يُؤجَّرُ بأُجرةِ مِثلِه لَزمَ الناظِرَ ذلكَ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ العَلِيِّ العَظيمِ.
وقالَ الشافِعيةُ: يُصرَفُ رَيعُ المَوقوفِ على المَسجدِ وَقفًا مُطلقًا أو على عِمارتِه في البِناءِ والتَّجصيصِ المُحكَمِ، والسُّلَّمِ والبَواري للتَّظْليلِ بها،
(١) «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٤٦٧، ٤٦٨)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٢٢٢، ٢٢٣). (٢) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٥/ ٤٧٨)، و «شرح الخرشي» (٧/ ٩٣، ٩٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٥٦).