ولمَا رَوى عبدُ اللهِ بنُ أبي بَكرِ بنِ عَمرِو بنِ حَزمٍ عن أبيه عن جَدِّه أنَّ النَّبيَّ ﷺ: كتَبَ إلى أهلِ اليَمنِ كِتابًا وفيه: «ألَّا يَمسَّ القُرآنَ إلا طاهِرٌ»(٢).
واستَثنَى المالِكيةُ من ذلك المُعلمةَ والمُتعلمةَ؛ فإنَّها يَجوزُ لها مَسُّ المُصحفِ سَواءٌ كانَ كامِلًا أو جُزءًا منه أو اللَّوحَ الذي كُتبَ فيه القُرآنُ، قالَ بَعضُهم: وليسَ ذلك للجُنبِ؛ لأنَّ رَفعَ حَدثِه بيَدِه، ولا يَشقُّ، كالوُضوءِ، بخِلافِ الحائِضِ؛ فإنَّ رَفعَ حَدثِها ليسَ بيَدِها، لكنَّ المُعتمَدَ عندَهم أنَّ الجُنبَ -رَجلًا كانَ أو امرأةً- يَجوزُ له المَسُّ والحَملُ حالَ التَّعلُّمِ والتَّعليمِ للمَشقةِ، وسَواءٌ كانَت الحاجةُ إلى المُصحفِ للمُطالعةِ أو كانَت للتَّذكُّرِ بنيةِ الحِفظِ (٣).
(١) «المغني» (١/ ١٨٧). (٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه مالك في «الموطأ» (١/ ١٩٩)، والدارمي (٢٢٦٦)، والدارقطني (١/ ١٢٢)، ولأخي فَضيلةِ الشَّيخِ الدُّكتور نَاصر النَّجار حفظه الله رِسالةٌ في تَصحيحِ هذا الحَديثِ وكَلامِ العُلماءِ عليه فراجِعْها إنْ شِئتَ باسمِ: «حُكمُ مَسِّ المُصحفِ». (٣) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٤٨٨)، و «درر الحكام» (١/ ٥٨)، و «البحر الرائق» (١/ ٢٠٩)، و «الاختيار لتعليل المختار» (١/ ١)، و «التاج والإكليل» (١/ ٣٢٢)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٢٧٨)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٣٨٢)، و «بلغة السالك» (١/ ١٤٩)، و «روضة الطالبين» (١/ ٢٤٦)، و «تفسير القرطبي» (١٧/ ٢٢٥)، و «المغني» لابن قُدامةَ (١/ ١٨٧)، و «كشاف القناع» (١/ ١٩٧)، وغيرها.