قالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: وقد أجمَعَ العُلماءُ على أنَّها ليسَت مُكلَّفةً بالصَّلاةِ وعلى أنَّه لا قَضاءَ عليها، واللهُ ﷾ أعلَمُ (١).
إلا أنَّهم اختَلَفوا في حُكمِ قَضائِها للصَّلاةِ إذا أرادَت قَضاءَها.
فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه خِلافُ الأَولى، قالَ ابنُ نَجيمٍ: وهل يُكرهُ لها قَضاءُ الصَّلاةِ؟ لم أرَه صَريحًا، ويَنبَغي أنْ يَكونَ خِلافَ الأَولى كما لا يَخفَى.
قالَ ابنُ عابِدينَ -نَقلًا عن «النَّهر» -: يَدلُّ عليه قَولُهم: لو غسَلَ رأسَه بَدلَ المَسحِ كُرهَ (٢).
وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّها لا يُندبُ لها أنْ تَقضيَها، بل يُكرهُ لها ذلك.
قالَ الدُّسوقيُّ: ولا تَقضي الصَّلاةَ لا وُجوبًا ولا نَدبًا؛ لأنَّها إنْ كانَت طاهِرةً فقد صلَّتْها، وإنْ كانَت حائِضًا لم تُخاطَبْ بها (٣).
أمَّا الشافِعيةُ فقد قالَ الجَملُ في حاشيَتِه: يُكرهُ قَضاؤُها وتَنعقدُ نَفلًا لا ثَوابَ فيه؛ لأنَّها مَنهيةٌ عن الصَّلاةِ لذاتِ الصَّلاةِ، والمَنهيُّ عنه لذاتِه لا ثَوابَ فيه … وقالَ البَيضاويُّ بحُرمتِها، وعلى كلٍّ لا تَنعقدُ لو فعَلَتها؛ لأنَّ العِبادةَ إذا لم تُطلَبْ لم تَنعقدْ، وبه قالَ شَيخُنا كالخَطيبِ وغيرِه وخالَفَ شَيخُنا الرَّمليُّ: فقالَ بصِحتِها وانعِقادِها على قَولِ الكَراهةِ المُعتمدِ (٤).
(١) «شرح صحيح مسلم» (٤/ ٢٠، ٢١). (٢) «البحر الرئق» (١/ ٢٠٤)، و «حاشية ابن عابدين» (١/ ٤٨٥). (٣) «حاشية الدسوقي» (١/ ٢٧١). (٤) «حاشية الجمل» (١/ ٢٤٠).