فأَمضَيتَ» (١)، وما سِوى ذلكَ فهو مالُ الوارِثِ، فبَيَّنَ النبيُّ ﷺ أنَّ الإرثَ إنَّما يَنعدِمُ في الصَّدقةِ التي أمضاها، وذلكَ لا يَكونُ إلا بعد التَّمليكِ مِنْ غيرِه.
ولا يَلزمُ الوَقفُ عندَ الإمامِ أبي حَنيفةَ إلا في حالاتٍ ثَلاثٍ:
١ - أنْ يَحكمَ به حاكمٌ ولَّاهُ الإمامُ، فإنه حِينئذٍ يَزولُ مِلكُ الواقفِ عنه بلا خِلافٍ؛ لقَضائِه في أمرٍ مُختلَفٍ فيهِ.
وطَريقُ الحُكمِ في ذلكَ: أنْ يُسلِّمَ الواقِفُ ما وقَفَه إلى المُتولِّي ثُمَّ يُريدُ أنْ يَرجعَ فيهِ مُحتَجًّا بعَدمِ اللُّزومِ، فيَتخاصَمانِ إلى القاضي فيَقضِي بلُزومِه، وكذا إذا أجازَه الوَرثةُ جازَ؛ لأنَّ المِلكَ لهم، فإذا رَضوا بزَوالِ مِلكِهم جازَ، كما لو أَوصَى بجَميعِ مالِه.
٢ - أو يُعلِّقُه بمَوتِه فيَقولَ:«إذا مِتُّ فقدْ وَقَفتُ دارِي على كذا»؛ لأنه إذا علَّقَه بمَوتِه فقدْ أخرَجَه مَخرجَ الوَصيةِ، وذلكَ جائِزٌ ويُعتبَرُ مِنْ الثُّلثِ؛ لأنه تَبرعٌ علَّقَه بمَوتِه، فكانَ مِنْ الثُّلثُ كالهِبةِ والوَصيةِ في المَرضِ.