ومَركَبٍ ولِباسٍ، لا نَفقَتُه على نَفْسِه ودَابَّتِه مثلًا في زَمَنِ تَحصيلِه (١).
قالَ القاضي عَبدُ الوَهَّابِ ﵀: مَنْ جاءَ بآبِقٍ أو شارِدٍ ابتِداءً ثم طَلبَ الأجْرَ: فإنْ كانَ ذلك شَأنَه وعادَتَه، ويُعلَمُ أنَّه يَتكسَّبُ به، فله أُجرةُ مِثلِه بقَدْرِ تَعَبِه وسَفَرِه، وتَكلُّفِ طَلَبِه -خِلافًا لِأبي حَنيفةَ والشَّافِعيِّ في قَولهما إنَّه مُتَطوِّعٌ لا شَيءَ له-؛ لأنَّ مَنافِعَه فيما لو أضاعَه رَبُّه لَعُدَّ سَفَهًا مِنه يُوجِبُ له الأجْرَ عليها، أصْلُه لو سقَط مِنْ مَوضِعٍ عالٍ، أو وقَع في بِئرٍ فأخرَجَه، فأثبَتَ ذلك فله أجْرُ مِثلِه؛ لأنَّه ليسَ هُناكَ مُسَمًّى، فإنْ أبَى صاحِبُ العَبدِ أنْ يَدفعَ إليه خَلَّى بينَه وبينَ العَبدِ؛ لأنَّ امتِناعَه مِنْ ذلك رِضًا بتَسليمِ العَبدِ، وإنْ عُلِمَ أنَّ ذلك ليسَ مِنْ شَأنِه، وإنَّما عادَتُه أنَّه يَترَفَّعُ عن مِثلِه، وإنَّما فَعلَه على وَجْهِ الحِسبةِ واكتِسابِ المَوَدَّةِ، فليسَ له أُجرةٌ إنْ طَلبَها؛ لأنَّ دَعواه لِذلك تُنافي ظاهِرَ حالِه، فكَأنَّه نَدِمَ فاستَدرَكَ نَدَمَه فلا يَستحقُّ شَيئًا (٢).
وقالَ الصَّاوي ﵀: ولِمَن لَم يَسمَعْ قولَ الجاعِلِ: مَنْ أتاني بعَبدِي أو بَعِيري، أو نحوَ ذلك، فله كذا.
وَهو صادِقٌ بصورَتَيْنِ: أنْ يَقَعَ مِنْ الجاعِلِ قَولٌ بذلك، ولَم يَسمَعْه هذا الذي أتَى به مِنْ القائِلِ، ولا بالواسِطةِ، وبِما إذا لَم يَقَعْ مِنه قَولٌ أصلًا.
(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٣٥)، و «المختصر الفقهي» (١٢/ ٣٦٥، ٣٦٦)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٦٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٤٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٢١)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ١٠٧، ١٠٨).(٢) «المعونة» (٢/ ١٢٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute