يَزرعَها طَعامًا فما خرَج منها فنِصفُه لِصاحبِ الأرضِ ونِصفُه على المُضاربةِ فاشتَرى طَعامًا ببَعضِ المالِ فزَرَعه في الأرضِ ثم أنفَق ما بَقيَ مِنَ المُضاربةِ عليه حتى بلَغ فهذا جائِزٌ؛ لأنَّه مُستأجِرٌ الأرضَ بنِصفِ الخارجِ منها، ولو استأجرَها بدَراهمَ جازتِ المُضاربةُ، فكذلك إذا استأجرَها بنِصفِ الخارجِ منها، ولو استأجرَها بدَراهمَ جازَ على المُضاربةِ لذلك، وتَصرُّفُه هنا في المالِ؛ فإنَّ استِحقاقَه لِلخارجِ باعتِبارِ أنَّه بما بَذرَه، والبَذرُ مِنْ مالِ المُضاربةِ، فلِهذا كان نِصفُ الخارجِ لِصاحبِ الأرضِ، ونِصفُه يُباعُ يَستوفي رَبُّ المالِ رأسَ مالِه والبَقيَّةُ بينَه وبينَ المُضاربِ على الشَّرطِ، وإنْ لَم يَكُنْ قال له:«اعمَلْ فيه بِرأيِكَ»، فالمُضارِبُ ضامِنٌ لِلمُضاربةِ؛ لأنَّه أشرَك غَيرَه في مالِ المُضاربةِ، وقد بَيَّنَّا أنَّ بمُطلَقِ العَقدِ لا يَملِكُ المُضارِبُ الإشراكَ، وهو بمَنزلةِ دَفعِه بَعضَ المالِ مُضاربةً إلى غَيرِه، وإذا صارَ مُخالِفًا بتَصرُّفِه ضمِن مالَ المُضاربةِ، وهو مِلكُ المَضمونِ به، فما خرَج مِنَ الزَّرعِ بينَ المُضاربِ ورَبِّ المالِ نِصفانِ على الشَّرطِ (١).
وقال الحَنابِلةُ: على العامِلِ أنْ يَتولَّى بنَفْسِه كلَّ ما جرَت العادةُ أنْ يَتولَّاه المُضارِبُ بنَفْسِه مِنْ نَشرِ الثَّوبِ وطَيِّه وعَرضِه على المُشتَري وَمساومَتِه وعَقدِ البَيعِ معه، وأخْذِ الثَّمنِ وانتِقادِه وشَدِّ الكيسِ وخَتمِه وإحرازِه في الصُّندوقِ، ونَحوِ ذلك، ولا أجرَ له عليه؛ لأنَّه مُستحِقٌّ لِلرِّبحِ في
(١) «المبسوط» (٢٢/ ٥٤، ٧٢، ٧٣)، و «بدائع الصانع» (٦/ ٩٥)، و «الهداية» (٤/ ٤)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٢٠٧)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٦٥٥)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٣٣٤).