أقبَل على علِيٍّ فقال:«جَزاكَ اللهُ خَيرًا عن الإسلامِ وفَكَّ رِهانَك كما فَكَكتَ رِهانَ أخيكَ» فقيلَ: يا رَسولَ اللهِ، هذا لِعلِيٍّ خاصَّةً أم لِلناسِ عامَّةً؟ فقال:«لِلناسِ عامَّةً»(١).
قالوا: فدلَّ على أنَّ المَضمونَ عنه بَرئَ بالضَّمانِ (٢).
وبما رَواه الإمامُ أحمدَ في «المُسندِ» عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ ﵄ قال: تُوفِّي صاحِبٌ لنا فأتَيْنا النَّبيَّ ﷺ لِيُصلِّيَ عليه، فخَطا خُطوةً ثم قال:«أعليه دَينٌ؟»، قُلنا: دينارانِ، فانصَرفَ، فتَحمَّلهما أبو قَتادةَ، فقال: الدِّينارانِ علَيَّ. فقال رَسولُ اللهِ ﷺ:«وجَب حَقُّ الغَريمِ وبَرئَ الميِّتُ منهما؟»، قال: نَعَمْ، فصلَّى عليه، ثم قال بعدَ ذلك:«ما فعَل الدِّينارانِ؟»، قال: إنَّما مات أمسِ، قال: فعادَ إليه مِنَ الغَدِ فقال: «ما فعَل الدِّينارانِ؟»، قال: يا رَسولَ اللهِ قد قَضيتُهما، فقال رَسولُ اللهِ ﷺ:«الآنَ بَرَدتْ عليه جِلدُه»(٣).
وهذا صَريحٌ في بَراءةِ المَضمونِ عنه لِقَولِه ﷺ:«وبَرئَ الميِّتُ منهما»، ولأنَّه دَينٌ واحِدٌ؛ فإذا صارَ في ذِمَّةٍ ثانيةٍ، بَرِئت الأُولى منه كالمُحالِ به؛ وذلك لأنَّ الدَّينَ الواحِدَ لا يَحِلُّ في مَحلَّيْن (٤).
والحِكمةُ في امتِناعِه ﷺ مِنَ الصَّلاةِ عليه شَغلُ ذِمَّتِه ببَقاءِ
(١) ضَعِيفٌ جدًّا: كما سبق. (٢) «المغني» (٦/ ٣٢٧). (٣) حَدِيثٌ حَسَنٌ: سبق تخريجه. (٤) «المغني» (٦/ ٣٢٨).