تَثبيتِ ذلك وفي النَّظرِ فيه بُعدٌ، فيُؤخَذُ مِنَ الحَميلِ (١).
وجاءَ في «بُلغةِ السالِكِ»: والقَولُ المَرجوعُ عنه هو الذي جَرى به العَملُ بفاسَ، وهو الأنسَبُ بكَونِ الضَّمانِ شَغلُ ذِمَّةٍ أُخرى بالحَقِّ (٢).
لكنَّ جُمهورَ المالِكيَّةِ أخَذوا بالرأيِ الذي رجَع إليه الإمامُ مالِكٌ: وهو أنَّ المَكفولَ له لا يُطالِبُ الكَفيلَ إذا تَيسَّرَ الأخذُ مِنْ مالِ المَكفولِ عنه إلا إذا اشتَرطَ.
ويُعبِّرُ الشَّيخُ الدَّرديرُ عن قَولِ جُمهورِ المالِكيَّةِ بقَولِه: ولا يُطالَبُ الضامِنُ أي: ليس لِرَبِّ الدَّينِ مُطالَبتُه به إنْ تَيسَّرَ الأخذُ لِرَبِّ الدَّينِ مِنْ مالِ المَدينِ، بأنْ كان مُوسِرًا غَيرَ مُلِدٍّ (٣) ولا ظالِمٍ، وهذا هو الذي رجَع إليه مالِكٌ بعدَ قَولِه: رَبُّ الدَّينِ مُخيَّرٌ في طَلبِ أيِّهما شاءَ، ولو كان المَدينُ غائبًا، حيث كان الدَّينُ ثابِتًا، ومالُ المَدينِ حاضِرًا يُمكِنُ الأخذُ منه بلا مَشقَّةٍ، إلا أنْ يَشترِطَ رَبُّ الدَّينِ عندَ الضَّمانِ أخْذَ أيِّهما شاءَ، أو يَشترِطَ تَقديمَه في الأخْذِ عن المَدينِ، أو ضمِن الضامِنُ المَدينَ، في الحالاتِ السِّتِّ: الحياةِ والمَوتِ والحُضورِ والغَيبةِ، واليُسرِ والعُسرِ، فلَه مُطالَبتُه، ولو تَيسَّر الأخذُ مِنْ مالِ الغَريمِ (٤).