٣ - إذا اختَلَف الراهِنُ والمُرتَهَنُ في تَلَفِ العَينِ المَرهونةِ:
إذا اختَلَف الراهِنُ والمُرتَهَنُ في تَلَفِ العَينِ المَرهونةِ فالقَولُ قَولُ المُرتَهَنِ مع يَمينِه عندَ الشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ؛ لأنَّ يَدَه يَدُ أمانةٍ، ويَتعذَّرُ عليه إقامةُ البَيِّنةِ على التَّلَفِ، فقُبِلَ قَولُه فيه كالمُودَعِ (١).
وقال المالِكيَّةُ: القَولُ قَولُ الراهِنِ فيما يَغيبُ عليه، إلا أنْ يُقيمَ المُرتَهَنُ بَيِّنةً على ضَياعِه مِنْ غيرِ تَفريطٍ، وحَلَف المُرتَهَنُ مُطلَقًا في ضَمانِه وعَدَمِ ضَمانِه، لقد ضاعَ أو تلِف بلا تَفريطٍ منه، وأنَّه لَم يَعلَمْ مَوضِعَه؛ لاحتِمالِ أنَّه فَرَّطَ أو لَم يُفرِّطْ، ولكنَّه يَعلَمُ مَوضِعَه.
وإنْ كان مما لا يُغابُ عليه، كالحَيَوانِ والسَّيارةِ، فالقَولُ قَولُ المُرتَهَنِ.
وقال الكاسانيُّ ﵀: ولو ادَّعى الراهِنُ هَلاكَ الرَّهنِ فقال المُرتَهَنُ: «لَم يَهلِكْ»، فالقَولُ قَولُ المُرتَهَنِ مع يَمينِه؛ لأنَّ الرَّهنَ كان قائِمًا والأصلُ في الثابِتِ بَقاؤُه، فالمُرتَهَنُ يَستَصحِبُ حالةَ القيامِ، والراهِنُ يَدَّعِي زَوالَ تلك الحالةِ، والقَولُ قَولُ مَنْ يَدَّعي الأصلَ؛ لأنَّ الظاهِرَ شاهِدٌ له، ولأنَّ الراهِنَ بدَعوى الهَلاكِ يَدَّعي على المُرتَهَنِ استِيفاءَ الدَّينِ، وهو مُنكِرٌ، فكان
(١) «البيان» (٦/ ١٢٩)، و «المهذب» (١/ ٣١٩)، و «المغني» (٤/ ٢٥٩)، و «الكافي» (٢/ ١٦٥). (٢) «درر الحكام» (٧/ ١٦٩)، و «مجمع الأنهر» (٤/ ٢٧٧).