وإنَّما كانَتِ العِبرةُ بتَقويمِ المُقوِّمينَ؛ لأنَّهم هُمْ الذين يُرجَعُ إليهم في العُيوبِ ونَحوِها مِنْ الأُمورِ التي تَقتَضي الخِبرةَ في المُعامَلاتِ (١).
وفسَّر المالِكيَّةُ والحَنابِلةُ الغَبنَ الفاحِشَ بأنَّه ما زادَ على الثُّلُثِ؛ لقولِ النَّبيِّ ﷺ في الوَصيَّةِ:«الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثيرٌ»(٢) فقد وصَف الثُّلُثَ بأنَّه كَثيرٌ، وقيلَ: السُّدُسُ، وقيلَ: ما لا يَتغابَنُ به الناسُ عادةً.
وذهَب الحَنفيَّةُ في ظاهِرِ الرِّوايةِ والمالِكيَّةُ في المَشهورِ والشافِعيَّةُ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يثبُتُ له الخيارُ؛ لأنَّ المَبيعَ سَليمٌ، ولَم يُوجَدْ مِنْ جِهةِ البائِعِ تَدليسٌ، وإنَّما فَرَّطَ المُشتَري في تَركِ التَّأمُّلِ؛ فلَم يَجُزْ له الرَّدُّ.
لأنَّ نُقصانَ قيمةِ السِّلعةِ مع سَلامَتِها لا يَمنَعُ لُزومَ العَقدِ، ومُجرَّدُ كَونِه مَغبونًا لا يُثبِتُ له خِيارًا، لكنَّه مَكروهٌ عندَ الشافِعيَّةِ.