قال ابنُ المُنذرِ: ولَعلَّ حُجةَ من رأى أنَّ العَقيقةَ تُجزِئُ بالإبِلِ والبَقرِ قَولُ النَّبيِّ ﷺ: «مع الغُلامِ عَقيقتُه فأهرِيقوا عنه دَمًا». ولم يَذكُر دَمًا دون دَمٍ، فما ذُبح عن المَولودِ على ظاهرِ هذا الخَبرِ يُجزِئُ، قال: ويَجوزُ أنْ يَقولَ قائلٌ: إنَّ هذا مُجمَل، وقولُ النَّبيِّ ﷺ:«عن الغُلامِ شاتانِ وعن الجاريةِ شاةٌ» مُفسَّرٌ، والمُفسَّرُ أوْلى من المُجملِ (١).
وقال الإمامُ ابنُ رُشدٍ ﵀: وأمَّا مالكٌ فاختارَ فيها الضَّأنَ على مَذهبِه في الضَّحايا، واختلَفَ قولُه: هل يُجزِيُ فيها الإبلُ والبَقرُ أو لا يُجزِي، وسائرُ الفُقهاءِ على أصلِهم أنَّ الإبلَ أفضلُ من البَقرِ، والبَقرَ أفضلُ من الغَنمِ.
وسَببُ اختِلافِهم: تَعارضُ الآثارِ في هذا البابِ والقياسِ.
أمَّا الأثرُ فحَديثُ ابنِ عَباسٍ «أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ عقَّ عن الحَسنِ والحُسينِ كَبشًا كَبشًا» وقولُه: «عن الجاريةِ شاةٌ وعن الغُلامِ شاتان» خرَّجهما أبو داودَ (٢).
وأمَّا القياسُ فلأنَّها نُسكٌ فوجَب أنْ يَكونَ الأعظمُ فيها أفضلَ قياسًا على الهَدايا (٣).