فذهَب الحَنفيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ وُجودَ المَحرَمِ للمَرأةِ من شَرائطِ الحَجِّ، فمَن لم يَكنْ معها زَوجُها أو مَحرَمٌ لها لا يَجبُ عليها الحَجُّ.
واستدَلُّوا على ذلك بما يلي:
١ - بقولِه ﷺ:«لا تحُجَّنَّ امرَأةٌ إلا ومعها ذُو مَحرَمٍ»(١)، وهذا صَريحٌ في الحُكمِ؛ ولأنَّها أنشَأتْ سَفرًا في دارِ الإسلامِ، فلم يَجزْ بغيرِ مَحرَمٍ كحَجِّ التطوُّعِ.
٢ - بقولِه ﷺ:«لا يَخلُوَنَّ رَجلٌ بامرَأةٍ ولا تُسافرَنَّ امرَأةٌ إلا ومعها مَحرَمٌ، فقامَ رَجلٌ فقال: يا رَسولَ اللهِ، اكتُتِبتُ في غَزوةِ كذا وكذا وخرَجت امرَأتي حاجَّةً، قال: اذهَب فحُجَّ مع امرَأتِك»(٢).
قال أبو بَكرٍ الجَصاصُ ﵀: وهذا يَدلُّ على أنَّ قولَه: «لا تُسافرِ امرَأةٌ إلا ومعها ذو مَحرَمٍ»، قد انتظَم المَرأةَ إذا أرادَت الحَجَّ من ثَلاثةِ أوجُهٍ:
أحدُها: أنَّ السائلَ عقَل منه ذلك، ولذلك سأَله عن امرَأتِه وهي تُريدُ الحَجَّ، ولم يُنكرِ النَّبيُّ ﷺ ذلك عليه، فدلَّ على أنَّ مُرادَه عامٌّ في الحَجِّ وغيرِه من الأسفارِ.
والآخَرُ: قولُه: «حُجَّ مع امرَأتِكَ»، وفي ذلك إخبارٌ منه بإرادةِ السَّفرِ في قولِه:«لا تُسافرِ المَرأةُ إلا ومعها ذو مَحرَمٍ».