العَشرَ الأواخِرَ من رَمضانَ تَطوُّعًا دخَل قبلَ غُروبِ الشَّمسِ من لَيلةِ إحدى وعِشرينَ، لِما رُوي عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان يَعْتَكِفُ في الْعَشْرِ الْأَوْاسَطِ من رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا حتى إذا كان لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ التي يَخْرُجُ من صَبِيحَتِهَا من اعْتِكَافِهِ قال:«من كان اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ»(١).
وأوَّلوا حَديثَ عائِشةَ ﵂:«كان رَسولُ اللَّهِ ﷺ إذا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صلى الْفَجْرَ ثُمَّ دخَل مُعْتَكَفَهُ»(٢) على أنَّه دخَل من أوَّلِ اللَّيلِ، ولكنْ إنَّما تَخلَّى بنَفسِه في المَكانِ الذي أعَدَّه لِنَفسِه بعدَ صَلاةِ الصُّبحِ لا أنَّ ذلك وَقتُ ابتِداءِ الاعتِكافِ، بل كان من قَبلِ المَغرِبِ مُعتكِفًا لَابِثًا في جُملةِ المَسجدِ، فلَمَّا صَلَّى الصُّبحَ انفرَد.
قال أبو عُمَرَ بنُ عَبدِ البَرِّ ﵀ عن حَديثِ عائِشةَ هذا: لا أعلَمُ أحَدًا من فُقهاءِ الأمصارِ قال بهذا الحَديثِ مع ثُبوتِه وصِحَّتِه في وَقتِ دُخولِ المُعتكِفِ مَوضِعَ اعتِكافِه إلا الأوزاعيَّ واللَّيثَّ بنَ سَعدٍ، وقال به طائِفةٌ من التابِعين (٣).