واستدَلُّوا على ذلك أيضًا بما يلي:
١ - بقَولِ النَّبيِّ ﷺ: «إذا دُعِي أحَدُكم فليُجِبْ؛ فإنْ كان صائِمًا فَلْيُصَلِّ، وإنْ كان مُفطِرًا فلَيَطْعَمْ» (١).
قَولُه: فليُصَلِّ: أي: فليَدْعُ.
قال الإمامُ القُرطُبيُّ ﵀: ثبَت هذا عنه ﵇، ولو كان الفِطرُ جائِزًا لَكانَ الأفضَلُ الفِطرَ لِإجابةِ الدَّعوةِ التي هي السُّنَّةُ (٢).
٢ - ولِما رُوي عن عائِشةَ ﵂ قالت: «كُنْتُ أنا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ فَعُرِضَ لنا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ فَأَكَلْنَا منه، فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ فَبَدَرَتْنِي إليه حَفْصَةُ، وَكَانَتِ ابْنَةَ أَبِيهَا، فقالت: يا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كنا صَائِمَتَيْنِ فَعُرِضَ لنا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ، فَأَكَلْنَا منه، قال: اقْضِيَا يَوْمًا آخَرَ مَكَانَهُ» (٣).
قال أبو عُمَرَ بنُ عَبدِ البَرِّ ﵀: ومِنْ حُجَّةِ مالِكٍ ومَن قال بقَولِه في إيجابِ القَضاءِ على المُتطوِّعِ إذا أفسَد صَومَه مع حَديثِ ابنِ شِهابٍ في قِصَّةِ عائِشةَ وحَفصةَ المَذكورِ في هذا البابِ قَولُ اللهِ ﷿: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (٣٣)﴾، وقَولُه ﵎: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾، وليس مَنْ أفطَر عامِدًا بعدَ دُخولِه في الصَّومِ مُعظِّمًا لِحُرمةِ
(١) رواه مسلم (١٤٣١).(٢) نقله عنه الزيلعي في «تبيين الحقائق» (١/ ٣٣٧، ٣٣٨).(٣) حَدِيثٌ ضعيفٌ: رواه الترمذي (٧٣٥)، والنسائي في «الكبرى» (٣٢٩١)، وأحمد في «المسند» (٦/ ٢٦٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute