قالَ الإمامُ الخِرشيُّ ﵀ في شَرحِه على «مَتنِ خَليلٍ»: ولا فَرقَ في المَدينِ بينَ كَونِه حيًّا أو ميِّتًا، فيَأخذُ منها السُّلطانُ ليَقضيَ بها دَينَ الميِّتِ، بل قالَ بعضُهم: دَينُ الميِّتِ أحَقُّ من دَينِ الحَيِّ في أخذِه من الزَّكاةِ، أي أنَّه لا يُرجى قَضاؤُه، بخِلافِ الحَيِّ (١).
وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ (٢)﵀: قال عُلماؤُنا وغيرُهم: يُقضى منها دَينُ الميِّتِ؛ لأنَّه من الغارِمينَ، قالَ ﷺ:«أنا أَوْلى بكلِّ مُؤمِنٍ من نَفسِه، مَنْ ترَكَ مالًا فلأَهلِه، ومَن ترَكَ دَينًا أو ضَياعًا فإلَيَّ، وعلَيَّ»(٣).
وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميَّةَ ﵀: وأمَّا الدَّينُ الذي على الميِّتِ فيَجوزُ أنْ يُوفَّى من الزَّكاةِ في أحدِ قَولَي العُلماءِ، وهو إِحدى الرِّوايتَينِ عن أحمدَ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿وَالْغَارِمِينَ﴾ [التوبة: ٦٠] ولم يَقلْ: وللغارِمينَ، فالغارِمُ لا يُشتَرطُ تَمليكُه.
وعلى هذا يَجوزُ الوَفاءُ عنه، وأنْ يُملَّكَ لوارِثِه ولغيرِه، ولكنَّ الذي عليه الدَّينُ لا يُعطَى ليَستوفِيَ دَينَه (٥).
(١) «شرح الخرشي» وحاشية العدوي عليه (٢/ ٢١٨). (٢) «تفيسر القرطبي» (٨/ ١٨٥). (٣) رواه مسلم (٨٦٧). (٤) «المجموع» (٧/ ٣٤٦). (٥) «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٨٠)، و «المغني» (٣/ ٤٤٢)، والزرقاني (٢/ ١٧٨)، و «الذخيرة» (٣/ ١٤٨)، و «تفسير البحر المحيط» (٥/ ٦١)، و «المجموع» (٧/ ٣٤٧)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٣١٨)، و «الدر المختار» (٢/ ٣٤٤)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٣٠٠)، و «البحر الرائق» (٢/ ٢٦١)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٤٧٤).