وذكَرَ أبو الخَطابِ في كَراهةِ المُسخَّنِ بالنَّجاسةِ رِوايَتينِ على الإطلاقِ (١).
وقال شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ ﵀: الماءُ المُسخَّنُ بالنَّجاسةِ طاهِرٌ، لكنْ هل يُكرهُ؟ على قَولَينِ، هُما رِوايتانِ عن أحمدَ.
إحداهُما: لا يُكرهُ، وهو قَولُ أبي حَنيفةَ والشافِعيِّ.
والثاني: يُكرهُ، وهو مَذهبُ مالِكٍ.
وللكَراهةِ مَأخَذانِ:
أحدُهما: الخَشيةُ من أنْ يَكونَ قد وصَلَ إلى الماءِ شَيءٌ من النَّجاسةِ، فيُكرهُ لاحتِمالِ تَنجُّسِه: فعلى هذا إذا كانَ بينَ المَوقِدِ وبينَ النارِ حاجِزٌ حَصينٌ لم يُكرهْ: وهذه طَريقةُ الشَّريفِ أبي جَعفرٍ وابنِ عَقيلٍ وغيرِهما.
والثاني: أنَّ سَببَ الكَراهةِ كَونُ استِعمالِ النَّجاسةِ مَكروهًا، وأنَّ السُّخونةَ حصَلَت بفِعلِ مَكروهٍ، وهذه طَريقةُ القاضِي أبي يَعلى، ومِثلُ هذا طَبخُ الطَّعامِ بالوَقودِ النَّجسِ؛ فإنَّ نُضْجَ الطَّعامِ كسُخونةِ الماءِ (٢).