فمِن ذلك قَولُه:«لا يَقبَلُ اللهُ صَلاةً بغَيرِ طُهورٍ»(١).
قالَ النَّوويُّ: هذا الحَديثُ نَصٌّ في وُجوبِ الطَّهارةِ للصَّلاةِ (٢).
وأمَّا الإِجماعُ:
فقالَ ابنُ المُنذرِ ﵀: أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الصَّلاةَ لا تُجزئُ إلا بطَهارةٍ إذا وجَدَ المَرءُ إليها السَّبيلَ (٣).
وقالَ النَّوويُّ ﵀: وقد أجمَعَت الأُمةُ على أنَّ الطَّهارةَ شَرطٌ في صِحةِ الصَّلاةِ.
قالَ القاضِي عِياضٌ: واختَلَفوا متى فُرضَت الطَّهارةُ للصَّلاةِ، فذهَبَ ابنُ الجَهمِ إلى أنَّ الوُضوءَ في أولِ الإِسلامِ كانَ سُنةً ثم نزَلَ فَرضُه في آيةِ التَّيممِ، قالَ الجُمهورُ: بل كانَ قبلَ ذلك فَرضًا، قالَ: واختَلَفوا في أنَّ الوُضوءَ فَرضٌ على كلِّ قائِمٍ إلى الصَّلاةِ أو على المُحدِثِ خاصةً، فذهَبَ ذاهِبونَ من السَّلفِ إلى أنَّ الوُضوءَ لكلِّ صَلاةٍ فَرضٌ، بدَليلِ قَولِه تَعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ [المائدة: ٦] الآيةَ، وذهَبَ قَومٌ إلى أنَّ ذلك قد كانَ ثم نُسخَ، وقيلَ: الأمرُ به لكلِّ صَلاةٍ على النَّدبِ، وقيلَ: بل لم يُشرعْ إلا لمَن أحدَثَ ولكنَّ تَجديدَه لكلِّ صَلاةٍ مُستحَبٌّ، وعلى هذا أجمَعَ أهلُ
(١) مسلم (٢٢٤). (٢) «شرح صحيح مسلم» للنووي (٣/ ٨٤). (٣) «الإجماع» (١٩)، و «الأوسط» (١/ ١٠٩)، ونقله أيضًا ابن هبيرة في «الإفصاح» (١/ ٣٥).