قال ابنُ هُبيرةَ ﵀: واتَّفَقوا على أنَّه إذا تُيقِّنَ المَوتُ، وُجِّهَ الميِّتُ إلى القِبلةِ (١). بل نقَلَ الإمامُ النَّوويُّ فيه الإِجماعَ، فقالَ: يُستحَبُّ أنْ يُستقبَلَ به -أي: المُحتضَرِ- القِبلةُ وهذا مُجمَعٌ عليه (٢).
لِما رَواه أبو قتادةَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ حين قدِمَ المَدينةَ سألَ عن البَراءِ بنِ مَعرورٍ فقالوا تُوفِّيَ، وأَوصى بثُلثِه لكَ يا رَسولَ اللهِ، وأَوصى أنْ يُوجَّهَ إلى القِبلةِ لمَّا احُتضِرَ، فقالَ ﷺ:«أصابَ الفِطرةَ، وقد رَدَدتُ ثُلثَه على ولَدِه»، ثم ذهَبَ فصلَّى عليه، وقالَ:«اللَّهمَّ اغفِرْ له وارحَمْه وأدخِلْه جنَّتَك، وقد فَعَلتَ»(٣).
وأمَّا أنَّ السُّنةَ كَونُه على شِقِّه الأيمَنِ فقالَ الكَمالُ بنُ الهُمامِ: فقيل: يُمكِنُ الاستِدلالُ عليه بحَديثِ النَّومِ في الصَّحيحَيْن عن البَراءِ بنِ عازِبٍ عنه ﵊، قالَ:«إذا أَتَيْتَ مَضْجعَك فتَوضَّأْ وضُوءَكَ للصَّلَاةِ ثُم اضْطَجِعْ على شِقِّكَ الأَيْمَنِ وقُلِ: اللَّهمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيك -إلى أنْ قالَ: - فَإِنْ مُتَّ مُتَّ على الفِطرَةِ»(٤). وليسَ فيه ذِكرُ القِبلةِ، وما رَواه الإمامُ
(١) «الإفصاح» (١/ ٢٦٩). (٢) «المجموع» (٦/ ١٨٦). (٣) أخرَجَه الحاكِمُ (١/ ٥٠٥)، وصحَّحه وقال: ولا أعلَمُ في تَوجيهِ المُحتضَرِ إلى القِبلةِ غَيرَ هذا الحَديثِ. والبَيهقيُّ (٣/ ٣٨٤)، وحَسَّنه شيخُنا أبو عَبدِ اللهِ في الغُسلِ والتَّكفينِ (ص ٢٢). (٤) أخرجه البخاري (٢٤٤)، ومسلم (٢٧١٠).