ولأنَّه فُوِّض إليه مُطلَقًا، ولأنَّه ههنا مَيتٌ عَديمُ النَّظرِ، فلو لم يَثبُتْ نَظرُ المُوصَى من قِبَلِه لضاعَت المَصالحُ، وله أنْ يُقدَّمَ في مَصالحِه عُمومًا، فتَكونَ له النِّيابةُ كالإِمامِ، بل ههنا أوْلى؛ لأنَّه مُوصًى من جِهةِ المُوصي.
ولأنَّ الوَصيَّ قد ملَكَ من النَّظرِ بالوَصيةِ مِثلَما ملَكَ الجَدُّ من النَّظرِ بنَفسِه، فلمَّا جازَ للجَدِّ أنْ يُوصيَ بما إليه من النَّظرِ جازَ للوَصيِّ أنْ يُوصيَ إليه بما إليه من النَّظرِ.
قالَ ابنُ رُشدٍ: للوَصيِّ أنْ يُوصيَ بما أُوصِيَ به إليه في حَياتِه وبعدَ وَفاتِه، لا خِلافَ أحفَظُه في ذلك. انتَهى (٢).
قالَ الحَطابُ: وفي ابنِ سَلمونٍ ناقِلًا عن مَسائلِ ابنِ الحاجِّ قالَ: إذا أَرادَ الوَصيُّ أنْ يَتبرَّأَ من الإِيصاءِ إلى رَجلٍ آخَرَ بعدَ أنْ ألزَمَه فليس له ذلك إلا لعُذرٍ بيِّنٍ، وله فِعلُ ذلك عندَ حُضورِ مَوتِه؛ لأنَّه من أبيَنِ العُذرِ.
(١) «مختصر اختلاف العُلماء» (٥/ ٧٤، ٧٥)، و «الكافي لابن عبد البر» ص (٥٤٨)، و «البيان والتحصيل» (٨/ ٢١١)، و «الذخيرة» (٧/ ١٦٧)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٣٩٤)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٩٢)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٤٧٩)، و «البهجة في شرح التحفة» (١/ ٣٢٩). (٢) «البيان والتحصيل» (٨/ ٢١١).