والظاهِرُ أنَّ الذي حَداه إلى ذلك تَعليلُ الأَصحابِ بكَونِه مَحجورًا عليه في تَصرفاتِه، أو لكَونِه مُحتاجًا إلى الثَّوابِ، وتَصرفُه في هذه مَحضُ مَصلحةٍ من غيرِ ضَررٍ؛ لأنَّه إنْ عاشَ لم يَذهبْ من مالِه شَيءٌ، ولا يَلزمُ من ذلك أنَّ الوَصيةَ على أَولادِه لا تَصحُّ، اللَّهمَّ إلا أنْ يَكونَ في المَسألةِ نَقلٌ خاصٌّ (١).
وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الصَّحيحِ من المَذهبِ إلى أنَّه لا يُشتَرطُ الرُّشدُ في المُوصي، فتَصحُّ الوَصيةُ من الأَبِ السَّفيهِ أو غيرِه ممَّن له وِلايةٌ على أَولادِه، ويَتعيَّنُ من عيَّنَه السَّفيهُ.
وقالَ الدَّميريُّ: قالَ الشَّيخُ: الأَبُ السَّفيهُ ليسَ له أنْ يُوصيَ؛ لأنَّه لا وِلايةَ له على وَلدِه، وهذا لا شَكَّ فيه، وليسَ خاصًّا بالطِّفلِ، بل المَجنونُ كذلك، وكذلك السَّفيهُ حيثُ كانَت الوِلايةُ عليه للأبِ (٣).
(١) «الإنصاف» (٧/ ١٨٥). (٢) «مغني المحتاج» (٤/ ١٢٥). (٣) «النجم الوهاج» (٦/ ٣٣٠)، و «تحفة المحتاج مع حواشي الشرواني» (٨/ ٢٧٩)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ١١٩)، ويُنظَر: «الحجر على السفيه في كتاب الحجر من كتابنا هذا، ويُنظَر: «المبسوط» (٢٤/ ١٦١، ١٦٢)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ١٧١)، و «الاختيار» (٢/ ١١٥، ١١٦)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢٤٤، ٢٤٦)، و «اللباب» (١/ ٤٤٤، ٤٤٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٤١٠)، و «الهداية» (٣/ ٢٨٢)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ١٩٥)، و «البحر الرائق» (٨/ ٩١)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٨٩٩).