ثم قالَ الأولُ: ويَنبَغي أنْ يُصرفَ إلى جِيرانِ من كانَ فيها حالَتَي المَوتِ والوَصيةِ، واقتصَرَ الثاني على حالةِ المَوتِ، ويَظهرُ قَولُ الأولِ إنْ كانَ في واحِدةٍ في حالَتَي المَوتِ والوَصيةِ، وإنْ كانَ في واحِدةٍ في حالةِ الوَصيةِ، وفي أُخرى في حالةِ المَوتِ، فالعِبرةُ بحالةِ المَوتِ، وإنْ لم يَكنْ في واحِدةٍ منهما فإلى جِيرانِهما، والوَجهُ كما قالَ شَيخُنا أنَّ جِيرانَ المَسجدِ كجِيرانِ الدارِ فيما أَوصَى لجِيرانِه، وقيلَ: جارُه مَنْ يَسمعُ النِّداءَ (١).
وقالَ ابنُ قُدامةَ: وإنْ وَصَّى لجِيرانِه فهُم أهلُ أربَعينَ دارًا من كلِّ جانِبٍ، نَصَّ عليه أَحمدُ، وبه قالَ الأَوزاعيُّ والشافِعيُّ، ثم ذكَرَ حَديثَ أَبي هُريرةَ:«الجارُ أربَعونَ دارًا، هكذا وهكذا وهكذا وهكذا»(٢)، وهذا نَصٌّ لا يَجوزُ العُدولُ عنه إنْ صَحَّ، وإنْ لم يَثبُتِ الخَبَرُ فالجارُ هو المُقارِبُ ويَرجعُ في ذلك إلى العُرفِ (٣).