إلا أنَّ المُوصي لو بيَّنَ الوَصيةَ في أَحدِهما حالَ حَياتِه صَحَّت؛ لأنَّ البَيانَ إِنشاءُ الوَصيةِ لأَحدِهما فكانَ وَصيةً مُستأنَفةً لأَحدِهما عَينًا، وإنَّها صَحيحةٌ (١).
قالَ الحَنابِلةُ: لا تَصحُّ الوَصيةُ لمَجهولٍ له، كأنْ يُوصيَ بثُلثِه لأحدِ هذَينِ الرَّجلَينِ أو المَسجدَينِ أو قال:«أَوصَيت بكذا لجاري فُلانٍ أو قَرابَتي فُلانٍ» باسمٍ مُشتَركٍ؛ لأنَّ تَعيينَ المُوصَى له شَرطٌ، فإذا قالَ:«لأحدِ هذَينِ»، فقد أبهَمَ المُوصَى له، وكذا الجارُ والقَريبُ، لوُقوعِه على كلٍّ من المُسمَّيَينِ، ما لم تَكُنْ قَرينةٌ تَدلُّ على أنَّه أَرادَ مُعيَّنًا من الجارِ والقَريبِ، فيُعطَى مَنْ دَلَّت القَرينةُ على إِرادتِه، فإنْ قالَ:«أَعطوا ثُلثِي أَحدَهما»، صَحَّ، كما لو قالَ:«أَعتِقوا أحدَ عَبدَيَّ»، وللوَرثةِ الخِيرةُ فيمَن يُعطونَه الثُّلثَ من الاثنَينِ.
والفَرقُ بينَ هذه والتي قبلَها أنَّ قَولَه:«أَعطوا ثُلثِي أَحدَهما» أمرٌ بالتَّمليكِ فصَحَّ جَعلُه إلى اختيارِ الوَرثةِ، كما لو قالَ لوَكيلِه:«بِعْ سِلعَتي من أحدِ هذَينِ»، بخِلافِ قَولِه:«وَصَّيت» ونَحوَه؛ فإنَّه مِلكٌ مُعلَّقٌ بالمَوتِ فلم يَصحَّ لمُبهمٍ (٢).
وذهَبَ الصاحِبانِ من الحَنفيةِ أَبو يُوسفَ ومُحمدٌ وأَحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يَصحُّ إذا قالَ:«أَوصَيت لأحدِ هذَينِ الرَّجلَينِ».