للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَ الطعامُ غيرَ مَوجودٍ .. فلا قطْعَ على مَنْ سرَقَه لِيَأكلَه؛ لِما رُويَ عن عُمرَ أنه قالَ: «لا قَطْعَ في عامِ المَجاعةِ»، ورُويَ عنه أنه قالَ: «لا قَطْعَ في عامِ السَّنةِ»، وعامُ القَحطِ يُسمَّى السَّنةَ.

ورُويَ عن مَروانَ أنه أُتِيَ بسارقٍ فلمْ يَقطعْه، وقالَ: «أراهُ مُضطرًّا إليهِ»، ولأنَّ مَنْ اضْطرَّ إلى طَعامِ غيرِه .. فله أنْ يأخُذَه ويُقاتِلَ صاحِبَه، وهذا السارقُ مُضطرٌّ إليه، فلمْ يُقطَعْ بسَرقتِه (١).

قالَ الشيخُ زَكريَّا الأنصاريُّ : ويُقطَعُ بالطَّعامِ -أي بسَرقتِه- في زَمنِ المَجاعةِ إنْ وُجِدَ ولو عَزيزًا بثَمنٍ غالٍ وهو واجِدٌ لهُ، لا إنْ عَزَّ -أي: قَلَّ وُجودُه- ولم يَقدرْ هو عليهِ فلا يُقطَعُ؛ لأنه كالمُضطرِّ، وعليه يُحمَلُ ما جاءَ عن عُمرَ : «لا قطْعَ في عامِ المَجاعةِ»، سواءٌ أخَذَ بقَدرِ حاجتِهِ أم أكثَرَ؛ لأنَّ له هتْكَ الحِرزِ لإحياءِ نَفسِه، صرَّحَ به الرُّويانِيُّ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : قالَ أحمَدُ: لا قطْعَ في المَجاعةِ، يعني أنَّ المُحتاجَ إذا سرَقَ ما يأكلُه فلا قطْعَ عليهِ؛ لأنه كالمُضطرِّ.

ورَوى الجوزَجانِيُّ عن عُمرَ أنه قالَ: «لا قَطْعَ في عامِ سَنةٍ»، وقالَ: سألْتُ أحمدَ عنهُ فقُلتُ: تَقولُ بهِ؟ قالَ: إِي لعَمرِي، لا أقطَعُه إذا حمَلَتْه الحاجةُ والناسُ في شِدةٍ ومَجاعةٍ، وعن الأوزاعيِّ مثلُ ذلكَ، وهذا مَحمولٌ على مَنْ لا يَجدُ ما يَشتريهِ أو لا يَجدُ ما يَشتري به، فإنَّ له شُبهةً في أخذِ ما


(١) «البيان» (١٢/ ٤٨٠).
(٢) «أسنى المطالب» (٤/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>