وقالَ ابنُ إِدريسَ: ويحَك! ألا ترَى؟ فجلَسْنا حتى تَفرَّقَ الناسُ، فقُلتُ لعبدِ اللهِ بنِ إِدريسَ: لا تَقمْ حتى نَعلمَ ما عندَه في هذا. فقُلتُ: يا أَبا عبدِ اللهِ، رَأيتُك اليومَ فعَلْت شيئًا أَنكرْتُه، وأَنكرَه أَصحابُنا عليك. قالَ: وما هو؟ قُلتُ: جاءَك أَبو حَنيفةَ، فقُمتَ إليه، وأَجلسْتَه في مَجلسِك، وصنَعتَ له صُنيعًا بَليغًا، وهذا عندَ أَصحابِنا مُنكَرٌ.
فقالَ: ما أَنكرْتَ من ذاك؟ هذا رَجلٌ من العلمِ بمَكانٍ، فإن لم أَقمْ لعِلمِه، قُمتُ لسِنِّه، وإن لم أَقمْ لسِنِّه، قُمتُ لفِقهِه، وإن لم أَقمْ لفِقهِه، قُمتُ لوَرعِه، فأَحجَمَني، فلم يَكنْ عِندي جَوابٌ (١).