الصَّلاةُ فابدَؤُوا بِالعَشَاءِ، ولا يَعجَلَنَّ حتى يَفرُغَ منه» (١) رواهُما مُسلِمٌ. وقولُه:«وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ»، يَعني الجَماعةَ، وتَعشَّى ابنُ عمرَ وهو يَسمَعُ قِراءةَ الإمامِ.
قالَ أصحابُنا: إنَّما يُقدَّمُ العَشاءُ على الجَماعةِ إذا كانَت نَفسُه تَتُوقُ إلى الطَّعامِ كَثيرًا، وقالَ الشافِعيُّ نحوَ ذلك، وقالَ مالِكٌ: يَبدَؤُونَ بِالصَّلاةِ إلا أن يَكونَ طَعامًا خَفيفًا، وقالَ بظاهِرِ الحَديثِ عمرُ وابنُه وإسحاقُ وابنُ المُنذرِ، وقالَ ابنُ عباسٍ: لا نَقومُ إلى الصَّلاةِ وفي أنفُسِنا شَيءٌ.
قال ابنُ عَبد البرِّ ﵀: أجمَعوا على أَنَّه لو صلَّى بحَضرةِ الطَّعامِ فأكمَلَ صَلاتَه أنَّ صَلاتَه تُجزِئُه (٢).
وقالَ النَّوويُّ ﵀: وحُضورُ الشَّرابِ الذي يَتُوقُ إليه مِنْ ماءٍ وغيرِه كحُضورِ الطَّعامِ (٣).
د- مُدافَعةُ أحَدِ الأخبَثَينِ:
لمَا رَوَت عائِشةُ ﵂ قالَت: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ ﷺ يَقولُ: «لَا يُصلِّيَنَّ أحَدُكم بِحَضرَةِ الطَّعامِ، ولا وهو يُدَافِعُهُ الأَخبَثَانِ».
قالَ النَّوويُّ ﵀: وهذانِ الأمرانِ عُذرانِ، يُسقِطُ كلُّ واحدٍ منهما الجَماعةَ بالاتِّفاقِ، وكذا ما كانَ في مَعناهما، ومُدافَعةُ الرِّيحِ كمُدافَعةِ البَولِ أو الغائِطِ (٤).