الجِهادِ جائِزةٌ عندَ الحاجةِ؛ لأنَّ عَيْنَه الخُزاعيَّ كانَ كافرًا إذْ ذاك -يُشيرُ المُصنِّفُ إلى أنَّ النَّبيَّ ﷺ لمَّا كانَ بذي الحُلَيفةَ أرسَل عَينًا له مُشرِكًا مِنْ خُزاعةَ يَأتيه بخَبرِ قُريشٍ- وفيه في المَصلَحةِ أنَّه أقرَبُ إلى اختِلاطِه بالعَدوِّ وأخْذِه أخبارَهم» (١).
وذهَبَ المالِكيةُ -ما عدا ابنَ حَبيبٍ- وجَماعةٌ من أهلِ العِلمِ منهم ابنُ المُنذِرِ، والجُوزَجانيُّ: إلى أنَّه لا تَجوزُ الاستِعانةُ بالمُشرِكينَ.
واستدَلُّوا على ذلك بما يَلي:
١ - بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٤١] وفي ذلك جَعلُ سَبيلٍ للكافِرِ على المُسلِمِ.
٢ - وبما رَوَت عائِشةُ ﵂ أنَّها قالَت: «خرَجَ رَسولُ اللهِ ﷺ قِبَلَ بَدرٍ فلمَّا كانَ بحَرَّةِ الوَبَرةِ أدرَكَه رَجلٌ قد كانَ يُذكَرُ منه جُرأةٌ ونَجدةٌ، ففرِحَ أصحابُ رَسولِ اللهِ ﷺ حينَ رَأوهُ، فلمَّا أدرَكَه قالَ لرَسولِ اللهِ ﷺ: جِئتُ لأتَّبِعَك وأُصيبَ معك، قالَ له رَسولُ اللهِ ﷺ: تُؤمنُ بِالله ورَسولِه؟ قالَ: لا، قالَ: فارجِعْ فلن أستَعينَ بمُشرِكٍ، قالَت: ثم مَضى حتى إذا كُنا بالشَّجَرةِ أدرَكَه الرَّجلُ، فقالَ له كما قالَ أوَّلَ مَرةٍ، فقالَ له النَّبيُّ ﷺ كما قالَ أوَّلَ مَرةٍ، قالَ: فارجِعْ فلن أستَعينَ بِمُشرِكٍ، قالَ: ثم رجَعَ فأدرَكَه بالبَيداءِ فقالَ له كما قالَ أوَّلَ مَرةٍ: تُؤمنُ بِاللهِ ورَسولِه، قالَ: نَعمْ، فقالَ له رَسولُ اللهِ ﷺ فانطَلِقْ» (٢).
(١) «زاد المعاد» (٣/ ٣٠٢).(٢) رواه مسلم (١٨١٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute