وهو أيضًا قَولُ الشافِعيةِ، فقد نَصُّوا على أنَّ المُسلِمَ إذا وجَدَ في دارِ الحَربِ رِكازًا وكانَ قد دخَلَ إليهم بغيرِ أمانٍ؛ فإنْ أخذَه بقَهرٍ وقِتالٍ فهو غَنيمةٌ، كأخْذِ أموالِهم ونُقودِهم من بُيوتِهم، فيَكونُ خُمسُه لأهلِ الخُمسِ وأربَعةُ أَخماسِه لمَن وجَدَه.
وإنْ أخَذَه بغيرِ قِتالٍ ولا قَهرٍ فهو فَيءٌ، ومُستحِقُّه أهلُ الفَيءِ.
ويَتأيَّدُ هذا الإشكالُ بأنَّ كَثيرًا من الأئِمةِ أطلَقوا القَولَ بأنَّه غَنيمةٌ، منهم ابنُ الصَّباغِ والصَّيَدلانيُّ (١).
فالخِلافُ عندَ الشافِعيةِ: هل هو غَنيمةٌ يُخمَّسُ أو فَيءٌ يُصرَفُ مَصارِفَ الفَيءِ أو هو سَرِقةٌ واختِلاسٌ فيَكونُ مِلكَ السارِقِ والمُختلِسِ؟
أمَّا الحَنفيةُ فجاءَ في «شَرحِ السِّيَرِ الكَبيرِ» للشَّيبانِيِّ: وإذا دخَلَ المُسلِمُ دارَ الحَربِ بغيرِ أمانٍ فأخَذَه المُشرِكونَ فقالَ لهم: أنا رَجلٌ منكم،
(١) «روضة الطالبين» (٢/ ٢٨٩)، و «طرح التثريب» (٤/ ٢١)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٤٤)، وقال المالِكيَّة: ما مُلِكَ من مالِ الكافِرِ غَنيمةٌ وفَيءٌ ومُختَصٌّ بآخِذِه … والمُختَصُّ بآخِذِه ما أُخِذَ من مالِ حَربيٍّ غَيرِ مُؤمَّنٍ دونَ عِلمِه … وما هرَبَ به أَسيرٌ أو تاجِرٌ أو مَنْ أسلَمَ بدارِ الحَربِ وخرَجَ بمالِه أو ما غنِمَه الذِّميُّونَ. فهذا كلُّه يَختَصُّ بآخِذه. انظُر: «شرح حدود ابن عرفة» (١/ ٢٢٩)، و «مواهب الجليل» (٣/ ٣٦٦).