وقالَ في «الفُروعِ»: قالَ شَيخُنا: المُثلةُ حقٌّ لهم، فلهم فِعلُها للاستيفاءِ وأخذِ الثأرِ، ولهم تَركُها والصبْرُ أفضَلُ، وهذا حيثُ لا يَكونُ في التَّمثيلِ بهم زيادةٌ في الجِهادِ، ولا يَكونُ نَكالًا لهم عن نَظيرِها، فأمَّا إذا كانَ في التَّمثيلِ الشائِعِ دُعاءٌ لهم إلى الإيمانِ أو زَجرٌ لهم عن العُدوانِ فإنَّه هنا من إقامةِ الحُدودِ، والجِهادِ المَشروعِ، ولم تَكُنِ القِصةُ في أُحدٍ كذلك، فلِهذا كانَ الصبْرُ أفضَلَ، فأمَّا إذا كانَ المُغلَبَ حقَّ اللهِ تَعالى فالصبْرُ هناك واجِبٌ، كما يَجبُ حيثُ لا يُمكِنُ النَّصرُ ويَحرُمُ الجَزعُ، هذا كَلامُه، وكذا قالَ الخَطابيُّ ﵀: إنْ مثَّل الكافِرُ بالمَقتولِ جازَ أنْ يُمثَّلَ به (٢).
ومِن الأدِلةِ التي استدَلُّوا بها على جَوازِ القِصاصِ بالمِثلِ ما رَواه البُخاريُّ ومُسلِمٌ عن أبي قِلابةَ عن أنسِ بنِ مَالِكٍ: أنَّ رَهطًا من عُكلٍ -أو قالَ: عُرَينةَ، ولا أعلَمُه إلا قالَ من عُكلٍ- قَدِموا المَدينةَ فأمَرَ لهم النَّبيُّ