ثم قالَ: قالَ صاحِبا «الشَّامِلِ» و «البَيانِ» وغيرُهما: قالَ أصحابُنا: ليس لغيرِ أهلِ المَدينةِ أن يَفعلوا في التَّروايحِ فِعلَ أهلِ المَدينةِ، فيُصَلُّوها سِتًّا وثَلاثينَ رَكعةً؛ لأنَّ لأهلِ المَدينةِ شَرَفًا بمُهاجَرةِ رَسولِ اللهِ ﷺ ومَدفَنِه، بخِلافِ غيرِهم. وقالَ القاضي أبو الطَّيِّبِ في تَعليقِه: قالَ الشافِعيُّ: فأمَّا غيرُ أهلِ المَدينةِ فلا يَجوزُ لهم أن يُماروا أهلَ مَكةَ ولا يُنافِسوهم (١).
والأمرُ في ذلك واسِعٌ بينَ العُلماءِ؛ فقَد قالَ الإمامُ مالِكٌ: الأمرُ عندَنا بتِسعٍ وثَلاثينَ، وبمَكةَ بثَلاثٍ وعِشرينَ، وليس في شَيءٍ مِنْ ذلك ضِيقٌ (٢).
وقال أبو الحَسنِ المالِكِيُّ: وكلُّ ذلك -أي: القيامُ بعِشرينَ رَكعةً، أو بسِتٍّ وثَلاثينَ رَكعةً- واسِعٌ، أي: جائِزٌ (٣).
وقالَ الحَنابِلةُ: لا يَنقُصُ مِنْ العِشرينَ رَكعةً، ولا بَأسَ بالزِّيادةِ على العِشرينَ، نَصًّا. قال عَبدُ اللهِ، ابنُ الإمامِ أحمدَ: رأيتُ أبي يُصلِّي في رَمضانَ ما لا أُحصي، وكان عَبدُ الرَّحمنِ بنُ الأسوَدِ يَقومُ بأربَعينَ رَكعةً، ويُوتِرُ بعدَها بسَبعٍ (٤).
وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ ﵀: قيامُ رَمضانَ لم يُوقِّتِ النَّبيُّ فيه عددًا مُعيَّنًا، بل كان هو ﷺ لا يَزيدُ في رَمضانَ ولا غيرِه على