فأمَّا الضُّفدعُ «فإنَّ النبيَّ ﷺ نهَى عن قَتلِه»(١)، فيَدلُّ ذلكَ على تَحريمِه، قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: فأما التِّمساحُ فقدْ نُقلَ عنه ما يَدلُّ على أنه لا يُؤكلُ، وقالَ الأوزاعيُّ: لا بأسَ به لمَن اشتَهاهُ، وقالَ ابنُ حامِدٍ: لا يُؤكلُ التِّمساحُ ولا الكَوسَجُ؛ لأنهُما يَأكلانِ النَّاسَ، وقد رُويَ عن إبراهيمَ النخَعيِّ وغيرِه أنه قالَ: كانُوا يَكرهونَ سِباعَ البَحرِ كما يَكرهونَ سِباعَ البَرِّ؛ وذلكَ «لنَهيِ النبيِّ ﷺ عن كُلِّ ذِي نابٍ مِنْ السِّباعِ».
وقالَ أبو عليٍّ النجَّادُ: ما حَرُمَ نَظيرُه في البَرِّ فهو حَرامٌ في البَحرِ ككَلبِ الماءِ وخِنزيرِه وإنسانِه …
وكَلبُ الماءِ مُباحٌ، ورَكِبَ الحَسنُ بنُ عليٍّ ﵁ سرجًا عليهِ جِلدٌ مِنْ جُلودِ كِلابِ الماءِ، وهذا قولُ مالكٍ والشافِعيِّ والليثِ، ويَقتضيهِ قولُ الشعبيِّ والأوزاعيِّ، ولا يُباحُ عندَ أبي حَنيفةَ، وهو قولُ أبي عَليٍّ النجَّادِ وبعضِ أصحابِ الشافِعيِّ.
ولنا: عُمومُ الآيةِ والخبَرِ، قالَ عبدُ اللهِ: «سألتُ أبي عن كَلبِ الماءِ فقالَ: حدَّثَنا يَحيَى بنُ سَعيدٍ عن ابنِ جُريجٍ عن عَمرِو بنِ دِينارٍ وأبي الزُّبيرِ سَمِعَا شُريحًا -رَجلٌ أدرَكَ النبيَّ ﷺ يَقولُ: كُلُّ شَيءٍ في البَحرِ فهوَ مَذبوحٌ، قالَ: فذَكَرتُ ذلكَ لعَطاءٍ فقالَ: أما الطَّيرُ فنَذبحُه، وقالَ أبو عبدِ اللهِ: كَلبُ الماءِ نَذبحُه (٢).
(١) صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٥٢٦٩)، وأحمد (١٥٧٩٥). (٢) «المغني» (٩/ ٣٣٨، ٣٣٩).