وقَد وقَعَ في زَمنِ الأميرِ يَحيَى بجامِعِ الزَّيتونةِ، ثمَّ وقَعَ مرَّةً أُخرى، ولا غَرابةَ في وُقوعِ سَببِه في هذا الزَّمانِ لكَثرةِ المَفاسِدِ، فنَعوذُ باللهِ مِنْ الفِتنِ ما ظهَرَ مِنها وما بطَنَ.
وقالَ في «الطِّراز»: كانَتْ مُلاعَنتُه إيَّاها في المَسجدِ الجامعِ بقُرطبةَ سَنةَ ثَمانٍ وثَلاثينَ وثَلاثمِائةٍ (١).
وقالَ الشافِعيةُ: للزوجِ قَذفُ زَوجتِه إذا عَلِمَ زِناها بأنْ رآهَا عِيانًا تَزنِي، والأَولى له تَطليقُها سَتْرًا عليها؛ لِمَا فيه مِنْ سَتْرِ الفاحِشةِ وإقالةِ العَثرةِ، ما لم يَترتَّبْ على فِراقِها مَفسدةٌ له أو لها نحوُ مَرضٍ، بل قد يَجبُ إذا تَحقَّقَ أنه إذا فارَقَها زنَى بها الغَيرُ وأنها ما دامَتْ عندَه تُصانُ عَنْ ذلكَ.
وكذلكَ يُباحُ له قَذفُها إذا ظَنَّ زِناها ظنًّا مُؤكَّدًا أورَثَه العِلمُ كشِياعِ -أي ظُهورِ- زِناها بيْنَ الناسِ بزَيدٍ معَ قَرينةٍ، بأنْ رَآهُما ولو مرَّةً واحِدةً في خَلوةٍ مَثلًا، أو رأهُ يَخرجُ مِنْ عِندِها أو هي تَخرجُ مِنْ عندِه، أو أخبَرَه ثِقةٌ بزِناها، أو أخبَرتْه هي بزِناها ويَقعُ في قَلبِه صِدقُها، أو يُخبِرُه عن عِيانٍ مَنْ يَثقُ به وإنْ لم يَكنْ عَدلًا، أو يَرى رَجلًا مَعها مِرارًا في مَحلِّ رِيبةٍ، أو رَآهُما في شِعارٍ واحِدٍ -وهو ما يَلي الجسَدَ مِنْ الثِّيابِ- ولو مرَّةً، فلا يَجبُ القذفُ في هذهِ الحالةِ، وإنْ أمسَكَها لم يَحرمْ عليهِ؛ لِمَا رَوى ابنُ عبَّاسٍ ﵄ أنَّ رَجلًا أتَى النبيَّ ﷺ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ إنَّ امرَأتِي لا تَدفعُ يَدَ لامِسٍ،