وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: المُظاهِرُ يَحرمُ عليهِ وَطءُ امرَأتِه قبلَ أنْ يُكفِّرَ، وليسَ في ذلكَ اختِلافٌ إذا كانَتِ الكفَّارةُ عِتقًا أو صَومًا (٢).
إلا أنَّهمُ اختَلفُوا هل يَجوزُ له أنْ يَطأَها قبلَ أنْ يُكفِّرَ بالإطعام أم لا؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ وأكثَرُ أهلِ العلمِ إلى أنَّ التَّكفيرَ بالإطعامِ مثلُ ذلكَ، وأنه يَحرمُ عليهِ وَطؤُها قبْلَ التَّكفيرِ؛ لأنَّ الإطعامَ في مِعناهُما، ولِما رَوى عِكرمةُ عَنْ ابنِ عبَّاسٍ ﵄ أنَّ رجُلًا أتَى النبيَّ ﷺ قدْ ظاهَرَ مِنْ امرَأتِهِ فوقَعَ عليها فقَال: يا رَسولَ اللهِ إني قد ظاهَرْتُ مِنْ زَوجتِي فوقَعْتُ عليها قبلَ أنْ أُكفِّرَ، فقالَ: وما حمَلَكَ على ذلكَ يَرحمُكَ اللهُ؟ قالَ: رأيتُ خلخالَها في ضَوءِ القمَرِ، قالَ:«فلا تَقرَبْها حتى تَفعلَ ما أمَرَكَ اللهُ بهِ»(٣)، ولأنه مُظاهِرٌ لم يُكفِّرْ، فحَرُمَ عليهِ جِماعُها كما لو كانَتْ كفَّارتُه العِتقَ أو الصِّيامَ، وتَركُ النَّصِّ عليها لا يَمنعُ قِياسَها على المَنصوصِ الذي في مَعناها.