إيماءٍ والبَراءُ وأنَسُ بنُ مالِكٍ، وقالَ أنَسٌ:«ما زالَ يَقنُتُ في الفَجرِ حتى فارقَ الدُّنيا»(١).
وقالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: اعلَم أنَّ القُنوتَ مَشروعٌ عندَنا في الصُّبحِ، وهو سُنَّةٌ مُؤكَّدةٌ (٢).
واستدَلُّوا على ذلك بمَا رَواهُ أنَسُ بنُ مالِكٍ ﵁ قالَ:«ما زَالَ رَسولُ اللهِ ﷺ يَقنُتُ في الفَجرِ حتى فَارَقَ الدُّنيا»(٣).
ولأنَّه دُعاءٌ مَسنونٌ في صَلاةٍ غيرِ مَفروضةٍ -وهي الوِترُ- وجبَ أن يَكونَ مَسنونًا في صَلاةٍ مَفروضةٍ، كقولِه:«اللَّهُمَّ اغفِر لِلمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ»، ولأنَّها صَلاةُ نَهارٍ يُجهَرُ فيها بالقِراءةِ، وجبَ أن تَختَصَّ بِذِكرٍ لا يُشارِكُها فيه غيرُها، كالجمُعةِ في اختِصاصِها بالخُطبةِ.
قالَ الماوَردِيُّ ﵀: وقولُهم: لو كانَ القُنوتُ في الصُّبحِ سُنَّةً لَكانَ نَقلُه تَواتُرًا؛ لعُمومِ البَلوى به، فيُرجَعُ عليهم في الوِترِ، ثم يُقالُ: إنَّما يجبُ أن يَكونَ بَيانُه مُستَفيضًا، ولا يَلزمُ أن يَكونَ نَقلُه مُتواتِرًا، أَلَا تَرَى أنَّ النَّبيَّ ﷺ حَجَّ في خَلقٍ كَثيرٍ فَبيَّن لهمُ الحَجَّ بَيانًا مُستَفيضًا، ولم يَنقُله مِنْ الصَّحابةِ إلا اثنا عَشَرَ نَفسًا، اختَلفَ فيه خَمسةٌ منهم أنَّه ﷺ أفرَدَ،
(١) «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٩٤) (٢١١). (٢) «الأذكار» (١/ ٤٩). (٣) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الإمام أحمد في «المسند» (١٢٦٧٩)، والطَّحاوي في «شَرح المَعاني» (١/ ٢٢٤)، والدَّارقطنيُّ (٢/ ٣٩)، والبيهقيُّ في «الكبرى» (٢/ ٢٠١).