المودع يقبض الوديعة لمصلحة مالكها، فلو لزمه الضمان لا متنع الناس من قبول الوديعة، وهذا مضر لما في الناس من الحاجة إليها لحفظ أموالهم.
القول الثاني:
إن تلفت وحدها من بين ماله ضمن، وإن لم يتعد ولم يفرط، وبه قضى عمر بن الخطاب (١)، وهو رواية عن أحمد، وقال به إسحاق (٢).
قال الزركشي: ينبغي أن يكون محل الرواية إذا ادعى التلف، أما إن ثبت التلف ـ يعني بلا تعد ولا تفريط ـ فإنه ينبغي انتفاء الضمان رواية واحدة (٣).
° حجة هذا القول:
(ث-٢٩٨) ما رواه ابن الجعد في مسنده، قال: أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن النظر بن أنس،
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر ضمنه وديعة سرقت من بين ماله (٤).
[صحيح](٥).
(١) سيأتينا إن شاء الله تعالى تخريج أثر عمر عند الكلام على أدلة المسألة. (٢) الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر (٦/ ٣٣١). (٣) الإنصاف (٦/ ٣١٧). (٤) مسند ابن الجعد (٩٧٢). (٥) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٢٨٩) من طريق عاصم بن علي، عن شعبة به. ورواه عبد الرزاق في المصنف (١٤٧٩٩)، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: كان عند أنس بن مالك وديعة، فهلكت من بين ماله فضمنه إياها عمر بن الخطاب، فقال معمر: لأن عمر اتهمه يقول: «كيف ذهبت من بين مالك. ولم يسمعه قتادة من أنس كما في رواية شعبة، بل رواه عن النظر بن أنس، عن أنس.