الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يقبضه، بل إن في بعض روايات صحيح البخاري ما يفهم منه أن القبض قد حصل فعلًا، وليس مجرد التخلية، فجاء في البخاري:(عقلت الجمل في ناحية البلاط، فقلت: هذا جملك، فخرج، فجعل يطيف بالجمل، قال: الثمن، والجمل لك) وفي رواية في البخاري: (انطلقت حتى وليت، فقال: ادع لي جابرًا، فقلت: الآن يرد علي الجمل، ولم يكن شيء أبغض إلي منه، قال: خذ جملك، ولك ثمنه). ففي هذه الرواية ظاهر أن جابر قد قام بإقباض الجمل، ثم ولى، فدعاه، فقال جابر لنفسه: الآن يرد علي الجمل، فقال: خذ جملك، فظاهر هذه الرواية أن القبض الحقيقي قد تم، وليس فيه أن جابرًا قد أخلى البعير للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
[الدليل الرابع]
أن ما اشتري جزافًا استيفاؤه بتمام العقد فيه؛ لأنه ليس فيه توفية أكثر من ذلك، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: حتى تستوفيه، والاستيفاء يحصل بالتخلية، ولذلك جاز بيعه قبل قبضه على الصحيح كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى (١).
[دليل من قال: قبض المنقول يكون بنقله]
[الدليل الأول]
(ح-١٠١) ما رواه البخاري من طريق يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم بن عبد الله.
أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لقد رأيت الناس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتاعون جزافا - يعني الطعام - يضربون أن يبيعوه في مكانهم، حتى يؤووه إلى رحالهم (٢).
(١) انظر المنتقى للباجي (٤/ ٢٨٣). (٢) صحيح البخاري (٢١٣٧)، ورواه مسلم (١٥٢٧).