[م-٣٨٩] عرفنا في المبحث السابق أن البيع بعد نداء الجمعة محرم، وأن العلماء مجمعون على تحريمه، والسؤال: لو أن البيع وقع، فهل نحكم على البيع بالبطلان، أو نقول: يحرم البيع مع صحة العقد.
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
[القول الأول]
يصح العقد مع التحريم، وهذا مذهب الحنفية (١)، والشافعية (٢)، وبعض المالكية (٣).
[القول الثاني]
يجب فسخه، وهو مذهب المالكية، والحنابلة (٤).
(١) المبسوط (٦/ ٥٧)، البحر الرائق (٢/ ١٦٩)، بدائع الصنائع (١/ ٢٧٠). (٢) نهاية الزين (ص: ١٤٥)، المجموع (٤/ ٣٦٧). (٣) المنتقى للباجي (١/ ١٩٥)، بداية المجتهد (٢/ ١٢٧). (٤) جاء في المدونة (١/ ١٥٤): «قال مالك: إذا قعد الإمام يوم الجمعة على المنبر، فأذن المؤذن فعند ذلك يكره البيع والشراء، قال: وإن اشترى رجل أو باع في تلك الساعة فسخ البيع». وقال ابن العربي في أحكام القرآن (٤/ ٢١٣): «لا خلاف في تحريم البيع، واختلف العلماء إذا وقع; ففي المدونة يفسخ. وقال المغيرة: يفسخ ما لم يفت. وقاله ابن القاسم في الواضحة وأشهب. وقال في المجموعة: البيع ماض. وقال ابن الماجشون: يفسخ بيع من جرت عادته به .... وقد بينا توجيه ذلك في الفقه وحققنا أن الصحيح فسخه بكل حال .. ». وانظر بداية المجتهد (٢/ ١٢٧)، الفواكه الدواني (١/ ٢٥٨)، حاشية الدسوقي (١/ ٣٨٨)، منح الجليل (١/ ٤٤٩). وعبر الحنابلة بالبطلان، أو عدم الصحة، وهو نفس قول المالكية بوجوب الفسخ، لأن فسخ العقد يعني: عدم ترتب أثره عليه، وهذا هو البطلان. انظر في مذهب الحنابلة: مطالب أولي النهى (٣/ ٤٩)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٢٢)، كشاف القناع (٣/ ١٨٠)، منار السبيل (١/ ٢٩١).